بعد مرور نصف عام على صراع غير مسبوق في غزة، عادت السياسة الداخلية الإسرائيلية إلى الظهور من جديد، بعد أن دفع اندلاع الصراع في غزة كافة الأطراف لتجاوز الانقسامات الأخيرة وتشكيل إجماع وطني حول أهداف محاربة "حماس" واستعادة أكثر من مائتي رهينة تم أسرهم من المجتمعات المدمرة القريبة من حدود غزة.
وحمل شعار الحرب "متحدون ننتصر" إشارة ضمنية تدل على انقسامات الأمس العميقة. وأكدت وسائل الإعلام والمعلقون الإسرائيليون أن إسرائيل موحدة. أما برنامج "إيرتس نهيديريت"، وهو النسخة المحلية الإسرائيلية من البرنامج الأميركي الساخر "ليلة السبت على الهواء"Saturday Night Live) /SNL) فعرض مشهدا هزليا أظهر إسرائيليين من مختلف مكونات الطيف السياسي المنقسم وهم يستقلون حافلة للانضمام إلى الجيش كجنود احتياط، وكان بينهم أولئك الذين أطلق عليهم البعض لقب "الخونة" أو "الفوضويين" أو "أنصار بيبي" أو "الغادرين" أو "العنصريين" (أسماء أليفة يستخدمها الأعداء السياسيون) وجميعهم ينضمون إلى المجهود الحربي.
غير أن السياسة، بعد مضي ستة أشهر على الحرب، أخذت تعود إلى البلاد على نحو صاخب. وتبددت الوحدة المزعومة التي أعقبت مذبحة 7 أكتوبر/تشرين الأول. وقررت بعض عائلات الرهائن المحتجزين في غزة وبعد أن ضاقت ذرعا، قررت الانضمام إلى الحركة المتنامية التي تطالب باستقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ظلت حركتا الاحتجاج منفصلتين حتى الآن (إحداهما تطالب بعقد اتفاق لإطلاق سراح الرهائن والأخرى تطالب باستقالة الحكومة الحالية)، على الرغم من أن المسافة الفاصلة بينهما ليست سوى بضعة شوارع في تل أبيب. وكانت أسر الرهائن قد أعربت عن خشيتها من أن يؤدي تسييس القضية إلى نتائج عكسية. غير أن الحال تغير، فقد قال الكثير من هذه الأسر يوم السبت إنهم سيحتجون الآن أيضا على الحكومة نفسها، حيث يرون أن نتنياهو هو العقبة الرئيسة أمام التوصل إلى اتفاق.