يطرح اغتيال إسرائيل محمد رضا زاهدي، المسؤول الكبير والمخضرم في "الحرس الثوري" الإيراني، بالعاصمة السورية دمشق سؤالا رئيسا حول ما إذا كان يجب اعتبار هذا الاغتيال متصلا بشكل أساسي بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أم إنه يأتي في سياق "حرب الظل" بين إسرائيل وإيران المستمرة منذ سنوات؟
الأكيد أنه لا يمكن فصل هذا الاغتيال لشخصية إيرانية اعتبرت إسرائيليا الهدف الأهم "في الشمال"، باسثتناء الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، عن ديناميات الرد الإسرائيلي على هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لترميم منظومة الردع الإسرائيلي التي وجه لها الهجوم ذاك ضربة قاسية وموجعة جدا.
وفي السياق عينه فإن هذا الاغتيال يأتي في إطار الرد الإسرائيلي على الهجمات التي ينفذها وكلاء إيران ضدها، وبالأخص "حزب الله"، لكن تل أبيب اختارت هذه المرة أن ترد على طهران مباشرة من خلال استهداف قنصليتها في دمشق وقتل زاهدي إضافة إلى 6 من قادة "الحرس الثوري" في سوريا.
لكن في الوقت نفسه فإن هذا الاغتيال الذي شكل تحديا مباشرا للخطوط الحمراء الإيرانية لأنه استهدف مقرا سياديا إيرانيا يحيل إلى الخط الأحمر الذي رسمته إيران منذ 7 أكتوبر، أي استهداف أراضيها، هو محطة من محطات "المعركة بين الحروب" بين تل أبيب وطهران. ولكنها محطة لا تشبه سابقاتها بالنظر إلى أن اغتيال إسرائيل لرمز من رموز النظام في طهران في مدينة تعتبرها إيران ساحة استراتيجية لها، سيدفع هذه الأخيرة إلى مراجعة حساباتها في شأن كيفية التعامل مع الحرب الجارية. أي إنها لا تستطيع هذه المرة أن تكتفي بإيكال مهمة الرد على اغتيال قادة "الحرس" الثوري إلى وكلائها في المنطقة، بل هي مضطرة إلى الرد بنفسها، وإلا فإن صورتها ومنظومة ردعها سيتضرران بشدة وستبدو ضعيفة.