في روايته القصيرة "لعنة صبي كرات الطين" (دار نوفل – هاشيت أنطوان/ بيروت)، يواصل مازن معروف الحفر في الموضع نفسه تقريبا، ويُنزّه مخيّلته ونبرته السردية في المساحة ذاتها. فبطل الرواية (النوفيلا بحسب إشارة الناشر على الغلاف) يكاد يكون البطل نفسه في مجموعتيه القصصيتين السابقتين: "نكات للمسلحين" التي نال عنها "جائزة الملتقى" للقصة القصيرة سنة 2016، وكذلك "كيومٍ مشمس على دكة الاحتياط".
أما العالم الذي تجري فيه وقائع النوفيلا الجديدة، فلا يبتعد كثيرا عن عالمه القصصي. عالم الطفولة وبدايات الفتوة المصحوب بمعاينة الحياة والوقائع من وجهة نظر طفل أو فتى لا يزال غير راشد، لكنه قادر على فهم ما يجري، وعلى إعادة سرد ذلك على شكل قصص وحكايات، وتفسير ذلك وفق منطقه ونظرته هو.
إنها رواية قصيرة (80 صفحة)، إلا أن القارئ لن يجد ذلك جديدا بالمطلق في تجربة الكاتب الفلسطيني المقيم في أيسلندا الذي لا يضع عادة حدودا قاطعة لقصصه القصيرة، خصوصا أنها غالبا ما تكون مرويّة من الفتى أو الصبيّ نفسه. ويمكننا أن نضيف إلى ذلك أن مجموعته "كيوم مشمس على دكة الاحتياط" كانت تحمل روحا روائية في بنيتها القائمة على قصص متتالية متوالد بعضها من بعض.
فانتازيا
الفارق الجوهري هنا أن الرواية الجديدة تدور أحداثها سنة 2048، وهذا يعني أن المؤلف خلط المجال الواقعي بجرعة هائلة من الفانتازيا، خلطة تقرّب الكتاب من سرديات المستقبل وروايات الخيال العلمي، بل تضعه في قلب هذا الخيال، ولكن بطريقة تجعله مرئيا ومُفكرا فيه من وجهة نظر بطل الرواية الذي هو صبيّ فلسطيني يعيش مع جدته ومع أخت تكبره بخمس سنوات. وجهة نظر الصبي بدورها تجعل الكثير مما يحدث في الكتاب على صلة بما يشاهده الأولاد في القصص المصورة (الكوميكس) وبألعاب الفيديو التي يتسيّدها أبطال خارقون أو غير واقعيين، وتدور تفاصيلها في عالم متخيل وقابل بسهولة لحدوث الوقائع الغريبة والخارقة.