يظهر أي مسح سريع لوسائل الإعلام العالمية أن الصراعات في هذا الجزء من العالم تحظى باهتمام أكبر من الحروب في أماكن أخرى. وهذا قد يدفع المراقب العادي إلى الاعتقاد بأن المنطقة عرضة لعنف استثنائي. غير أن الواقع أكثر تعقيدا. وأوضح البروفيسور أرييل أهرام من جامعة فرجينيا للتكنولوجيا في دراسة حديثة بعنوان "الحرب والصراع في الشرق الأوسط"، أن المنطقة تتبع إلى حد كبير الاتجاهات العالمية في وتيرة الحرب وشكلها. فعندما أصبحت الحرب أكثر انتشارا على مستوى العالم، كانت كذلك أكثر شيوعا في الشرق الأوسط، وعندما تحول الاتجاه الدولي لتكون الحروب داخلية أكثر منها بين الدول، حذت المنطقة حذوها. غير أن دراسته أشارت أيضا إلى أن حروب الشرق الأوسط أصبحت منذ مطلع القرن الحادي والعشرين هي الأشد عنفا والأكثر دموية في العالم- وهذا هو الوشاح القاتم الذي كانت تحظى به منطقة شرق آسيا سابقا في النصف الثاني من القرن العشرين.
كيف نفسر هذه الزيادة المفاجئة في أعمال العنف، وبماذا يمكن أن تخبرنا عن الطرق التي تمكّن الشرق الأوسط من تجنب الصراعات في المستقبل؟
تقدم التصورات الجاهزة تفسيرات شائعة. فبعضها يركز على الاختلافات الدينية في المنطقة، سواء بين اليهود والمسلمين أو الانقسامات بين السنة والشيعة. ويركز بعضها على الإرث الاستعماري، فتبرز كيف بذرت الطريقة التي بنت بها بريطانيا وفرنسا الكثير من دول المنطقة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية بذور المشاكل المستقبلية في المنطقة. أما بعضها الآخر فيركز على وجود النفط، حيث إن وفرته تدفع إلى التدخل الخارجي. وبينما تؤدي هذه العوامل جميعها بلا شك دورا ما في الصراع المعاصر، فإن أيا منها ليس جديدا على نحو مميز كما أنه كان موجودا منذ عقود إن لم يكن قرون، دون أن يؤدي الى مستويات العنف التي اندلعت في القرن الحادي والعشرين. في المقابل، ما تغير هو أمر لطالما حذر العلماء منه بوصفه نذيرا لتفاقم الصراع وهو: توازن القوى الإقليمي.