شاع ويشيع في لبنان اليوم أن مؤسسة "حزب الله" المالية أو المصرفية المعروفة بـ"جمعية القرض الحسن"، العاملة منذ تسعينات القرن العشرين خارج النظامين المصرفي والمالي اللبنانيين، أنقذت المتعاملين معها من خسارة مدّخراتهم أو حجزها في المصارف جراء الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربت لبنان منذ العام 2019. ومنذ ذلك العام تنمو "القرض الحسن"، تتوسع وتتضاعف أعداد زبائنها من مودعين ومقترضين.
الباحث اللبناني - السوري الأصل أو المولد والنشأة الأولى، والأميركي ومدرس الاجتماعيات في جامعة شيكاغو - زهير غزال، يتابع منذ سنتين في بيروت ظواهر التعاملات المالية والحياة الميكرو إقتصادية المستجدة في البلدين المأزومين سياسيا واقتصاديا، لبنان وسوريا. وهو يسعى في الكشف عن صلة الأزمة المالية والاقتصادية بالقيم والعلاقات والموروثات الاجتماعية والثقافية السائدة في البلدين الجارين، للخروج عن العادة المتبعة والسائدة في الأبحاث والمقاربات التي تحصر عالمي المال والاقتصاد بالأرقام والإحصاءات المجرّدة والمعزولة عن التاريخ الاجتماعي والثقافي ونظام القيم الذي يلابسهما.
وكان غزال قد نشر كتابا في النظام القانوني والقضائي في سوريا، يندرج في هذه الوجهة: الكشف عن الصلة بين الجرائم الجنائية والزمن ونظام القيم الاجتماعيين. ونُشر الكتاب في "المعهد الفرنسي للأبحاث المشرقية" في بيروت سنة 2015، وفي عنوان "جريمة الكتابة - روايات جنائية أيام البعث السوري". أما ما يتابعه غزال اليوم في بيروت فيندرج في اجتماعيات التعاملات المالية والنقدية والاقتصادية السائدة في لبنان في خضم أزمته المستمرة. وهو يجمع مادة ميدانية ووثائقية عن ظواهر ثلاث: شيوع اقتصاد العملات السائلة (الكاش) في التعاملات المالية والاقتصادية اللبنانية، وأثره على الحياة الاجتماعية، وحضور مؤسسة "حزب الله" المالية، "القرض الحسن"، في هذه التعاملات، وكيفية تعامل اللبنانيين مع قانون الإيجارات الجديد وأشكال تطبيقه الفوضوية إداريا وقضائيا جرّاء الأزمة المالية الراهنة.