يلفت الهجوم الإرهابي الأخير في موسكو من جديد إلى ضرورة إعادة التركيز على فهم العلاقات المعقدة بين روسيا وإيران. لقد اتهمت الولايات المتحدة تنظيم "داعش" بتنفيذ الهجوم، وهو ما أكده "داعش" نفسه عبر بيان على قناة "أعماق" الإخبارية التابعة له. بيد أن البعض يشكك، مع ذلك، في مصداقية تورط التنظيم، بالنظر إلى أن سيف العدل، زعيم تنظيم "القاعدة"، يقيم في إيران، تحت حماية "الحرس الثوري الإيراني"، منذ أن انتقل إليها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بعد مغادرته أفغانستان.
ثمة شكوك متعلقة بدوافع "داعش" أو "القاعدة" لمهاجمة روسيا، وهي تنبع من الجهود المشتركة التي تتعاون فيها روسيا وإيران في سوريا وأوكرانيا. ولكن وجود زعيم تنظيم "القاعدة" في إيران لا يعني تلقائيا وجود تحالف كامل بين إيران و"القاعدة"، تماما كما لا يعني التعاون بين روسيا وإيران شراكة مباشرة، حيث تهدف روسيا إلى الحفاظ على هيمنتها في علاقتها مع إيران، إذ ترى أن الأخيرة ليست في كامل قوتها.
ما كانت العلاقة بين روسيا وإيران لتحظى بما يوليه لها الرأي العام الآن لولا التدخل العسكري الروسي في الصراع السوري. فقد كان للبلدين علاقة ضاربة الجذور مع نظام الأسدين في سوريا، مما قدم لهما مصالح متقاطعة. ومع ذلك لم ترفع روسيا مستوى مشاركتها في الصراع السوري حتى سبتمبر/أيلول 2015، عندما فقد نظام الأسد السيطرة على 70 في المئة من الأراضي السورية وتخلى عنها للجماعات المتمردة السورية، بينما كانت إيران أول جهة دولية تهب لمساعدة نظام الأسد منذ 2011، حيث أرسلت في البداية مستشارين عسكريين من "الحرس الثوري الإيراني" واستدعت "حزب الله" ليدعم النظام في حملته العنيفة على المتظاهرين السلميين.