الآن... قلبي اطمأن

الآن... قلبي اطمأن

في زمن طغت فيه الماديات على المشاعر، وتقلص هامش العطاء الإنساني، سطع نور أضاء ظلمة الفقير والمحتاج، وأنار درب المعوزين وأعاد الأمل إلى صدورهم. نور مصدره برنامج "قلبي اطمأن" الذي تجاوز حدود البرامج التلفزيونية الرمضانية التقليدية كونه خُصِص لتغيير حياة الفقراء ومنحهم فرصة للعيش الكريم.

استطاع "غيث" طوال حلقات برنامجه صناعة حياة جديدة للمتأزمين، وواصل عمله منذ أن ظهر على الشاشة لأول مرة في العام 2018، وأحدث تغييرا كبيرا في حياة الكثير من الناس الذين منحهم التفاؤل في عالم يزداد قسوة. إنه نموذج رائع للأعمال الخيرية التي يجب أن تقتدى، وضوء في نهاية النفق للكثير من المُعسرين والموجوعين.

يمثل "غيث" اليوم رمزا للعطاء الإنساني والمجتمعي. يخفي وجهه خلف قناع، مفضلا التركيز في برنامجه على مساعدة المهمّشين، مستبدلا نبرة صوته، مستعينا في ذلك بما توفر من تقنيات. لا أحد يعرف هويته الحقيقية حتى الآن، ولكن الواضح للعيان أن هدفه محاربة الفقر وتغيير حياة من يرزحون تحته وواقعهم.

فبدأ رحلته في العطاء بتقديمه المساعدات للأفراد والأسر المحتاجة في مختلف البلدان العربية. ثم تطور عمله ليتحول إلى برنامج له بصمته المميزة. وبمرور السنوات تنوع في تقديمه لمساعداته من العطاء المالي إلى مشاريع تنموية صغيرة تساعد في بناء اقتصادات ذاتية، وأخيرا أنشأ منصته "قلبي اطمأن" والتي هدف من خلالها إلى تسهيل عملية التبرع والمشاركة في توسيع عطائه ودعم المشاريع الريادية للشباب.

أثبت "غيث" أن العطاء الخيري لا يقتصر على تقديم المساعدات المالية وحسب، بل يشمل تمكين المحتاجين اقتصاديا وأكد أن التعليم المدعوم قادر على تحسين مستوى المعيشة

 

واستمر في تجديد برنامجه وتنويع ابتكاراته لينشئ لاحقا "قلبي اطمأن للتعليم" لدعم التعليم في المناطق الفقيرة. إلى أن وصل في عامه الحالي إلى مرحلة "التبرع بالمشاركة" لتحفيز التطوع ومشاركة الجمهور في الأعمال الخيرية والتكافل الاجتماعي. والتي لا شك ستصنع لدى المجتمعات العربية أجيالا شابة قادرة على التحلي بالمسؤولية تجاه عائلاتهم ومحيطهم وبلدانهم.

صار غيث بالنسبة إلى فقراء العالمين العربي والإسلامي أبا حنونا وغدا المتابعون ينتظرون في كل رمضان مشاهدة السير الذاتية لحياة أولئك الذين انتشلهم وأنقذهم من براثن الفقر وأعاد لهم الأمل بحياة أفضل، فأثبت أن العطاء الخيري لا يقتصر على تقديم المساعدات المالية وحسب، بل يشمل تمكين المحتاجين اقتصاديا، وأكد أن التعليم المدعوم قادر على تحسين مستوى المعيشة، فلم يكن لبرنامجه الرمضاني تحقيق المشاهدات المليونية، ونيل الاهتمام والتفاعل الكبير عبر منصات التواصل الاجتماعي، لولا أنه استطاع وفق أدلته وبراهينه المقنعة إثبات أن العمل الخيري واجب إنساني لا بد من القيام به، وأن العطاء يبدّل أحوال الأسر الفقيرة، وبالتالي يرتقي بالمجتمع.

وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققه "قلبي اطمأن" إلا أن الأثرياء والمؤسسات العربية لم تبادر إلى نقل تجاربه وتطبيقها على نطاق أوسع وإن ظهرت بعض المبادرات الناجحة إلا أنها سرعان ما توقفت، ليبقى السؤال الأبرز: هل سيقتدي أثرياء العالم العربي به أو بغيره ويقدمون بعضا من مدخراتهم وريع مؤسساتهم من أجل تطوير برامج مماثلة لـ "قلبي اطمأن" وتطبيقها على نطاق أوسع ذات يوم؟

font change