ستنتهي الحرب غدا، وسيعيد المقاتلون ما تبقى من ذخيرتهم وقنابلهم إلى المخازن، ثم سيستنشقون هواء مختلفا بعد أشهر أو أعوام من الاقتتال والترقب للنصر أو الهزيمة.
لكن هؤلاء، وأولئك الذين يترقبون عودتهم من المعارك، سيشعرون، ربّما، أن هناك ما كان ينقصهم في الحرب التي انتهت، وتسابق على منابرها السياسيون والخطباء والهتافون، إنّه محمود درويش، نعم هو من كان ينقصهم وينقصنا نحن الذين تابعنا عن بعد كلّ طلقة وانفجار وموت. وتساءلنا كثيرا: أين أنت يا محمود؟ ماذا لو كنتَ بيننا يا محمود؟
هل كنّا ننتظر قصيدة أم مقالة مزلزلة من صوت فلسطين وشاهدها الحي، كعادته حين يضيء حال عتمتنا ومحاولاتنا لأن نكون، "النصر أو النصر"، النصر والحياة مهما بلغ الخذلان مداه.
نحتاج شهادته، صرخته، مرثاته؛ نحتاجه وهو يعلن "باقون"، أو يصرخ "أما لآخر هذا الليل من آخر؟".
قصيدته المضيئة لهذا الجرح النازف، وهو الذي لم يصمت يوما إذا ما رأى شعبه يحاصر ويُقتل. نقول شعبه، وهو شعبه بالطبع وبالفعل، كأنّه خرج من قصيدة له أو تولّد منها، مع أنّ هذا الشعب كان وبقي قبل القصيدة وبعدها.