صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2728، القاضي بوقف فوري، مؤقّت، لإطلاق النار، بعد 171 يوما بلياليها، على حرب إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة، بكل أهوالها، وما نجم عنها من مآس غير مسبوقة، ضمنها أكثر من 130 ألفا من الضحايا الفلسطينيين، قتلى وجرحى وأسرى، ومفقودين تحت ركام دمار حوالي 70 في المئة من عمران غزة. القرار هو الأول من نوعه، في هذا الشأن، وقد صدر بإجماع أعضاء المجلس باستثناء الولايات المتحدة التي امتنعت عن التصويت، فقط، من دون أن تستخدم حق النقض (فيتو)، على خلاف المرات السابقة.
ينصّ القرار المذكور، في مقدمته، على شجب الهجمات وانتهاج العنف وجميع أشكال الارهاب ضد المدنيين، فلسطينيين واسرائيليين، وحظر أخذ الرهائن، ما يفيد بأن القرار يساوي بين إسرائيل والفلسطينيين، في تجهيل واضح لحقيقة أن إسرائيل هي التي تشنّ حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، مع تجهيلهم، أيضا، كضحية لوحشيتها، وفقا للمعايير الدولية، ولمنطوق قرار محكمة العدل الدولية، مع إقامته نوعا من مساواة بين غير متساوين، إذ شتان بين قوة "حماس" وقوة إسرائيل التي جعلت قطاع غزة مكانا غير صالح للعيش وشرّدت مليونين من سكانه، مع قطع الماء والكهرباء والغذاء والدواء عنهم منذ أكثر من خمسة أشهر.
تضمن القرار بندين، الأول، ونصّ على وقف فوري لإطلاق النار، في شهر رمضان، بمعنى إنه وقف نار مؤقت، بما يناسب إسرائيل والولايات المتحدة، رغم أن النص يفترض أن يؤدي ذلك إلى وقف نار مستدام، وهو أمر غير مضمون بالطبع. كما نص ذلك البند على الإفراج الفوري غير المشروط عن جميع الرهائن، دون أي ذكر لأكثر من ٢٠ ألف اسير أو معتقل فلسطيني، منهم ثمانية آلاف فلسطيني من الضفة، اعتقلتهم إسرائيل خلال الأشهر الخمس الماضية فقط، وخمسة آلاف فلسطيني في معتقلات إسرائيل قبل الحرب، يضاف إليهم عدة ألوف من فلسطينيي غزة اعتقلتهم إسرائيل خلال فترة الحرب، في مقابل كفالة وصول مساعدات إنسانية (غذائية وطبية) للفلسطينيين في غزة.
أما البند الثاني، فنص على توسيع تقديم المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في القطاع، وتعزيز حمايتهم، دون أن يعرف أحد كيف سيتم ذلك، باعتبار أن القرار لم يصدر وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
أيضا، القرار لم يتضمن أية كلمة عن إسرائيل باعتبارها دولة احتلال منذ 57 عاما، ولا عن سياساتها الاستعمارية والعنصرية والقمعية ضد الفلسطينيين من النهر إلى البحر، ولا تعمدها شن حرب إبادة على فلسطينيي غزة، بحجة انهاء وجود "حماس".