بعد انهيار نظام صدام حسين بسرعة على عكس ما توقع الأسد وخامنئي وخاتمي، ونشر المراحل السابقة للغزو والتنسيق بين دمشق وطهران لإفشال الأميركيين وإغراقهم بـ "فيتنام جديدة"، تنشر "المجلة" محضر الاجتماع الشهير بين وزير الخارجية الأميركي كولن باول والأسد في دمشق في مايو/أيار 2003، أي بعد سقوط صدام، التي تضمنت تسليمه "مطالب تعجيزية" و "التنازلات المؤلمة" التي اقدمت عليها دمشق بتجميد نشاط الفصائل الفلسطينية وإغلاق حدود العراق، إضافة إلى وثيقة لقاء خدام ورئيس "مجلس تشخيص مصلحة النظام" الإيراني هاشمي رفسنجاني الذي دعا المسؤولين السوريين الى "عدم الخوف" وقوله إن "كل جريح أو قتيل أميركي في العراق، قنبلة في أميركا":
إقرأ المزيد: - وثائق سرية عن اسقاط صدام... واتفاق خامنئي- الأسد على تحويل العراق "فيتنام جديدة"
- طالباني "يركض" إلى دمشق لإبلاغها "القرار السري" الأميركي بإسقاط صدام (1 من7)
- طالباني لنائب الأسد: الإيرانيون يقولون لنا غير ما تسمعونه منهم... والحكيم ينسق مع خامنئي (3 من 7)
- بوش في محضر سري: سنتخلص من صدام... ونصطاد "القاعدة" واحدا واحدا... ولن نتسامح مع "حزب الله" (4 من 7)
في الثالث من مايو/أيار 2003، التقى وزير الخارجية الأميركي كولن باول بالرئيس بشار الأسد في دمشق، في لقاء شهير لأنه تضمن تسليم قائمة مطالب على دمشق أن تنفذها، بعد سقوط صدام.
يكتب خدام في أوراقه الشخصية، أن الأسد استقبله في الساعة العاشرة صباحا لإطلاعه على نتائج زيارة باول، إذ "أبدى الرئيس ارتياحه لتلك الزيارة".
ركز باول على المطالب التالية: "1- عدم التدخل في شؤون العراق وعدم استقبال أعضاء القيادة السابقة. 2- عدم عرقلة خريطة الطريق (على المسار الفلسطيني) وإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية وخروجها من سوريا. 3- الانسحاب من لبنان". كما أبدى "رغبة في تحقق لقاءات بين البلدين وأنه لم يأتِ ليبلغ سوريا إنذارا وإنما بعض المطالب الأميركية المتعلقة بسياستها الشرق أوسطية".
من جهته، ركز الأسد ، حسب الوثيقة، على القول إن "هذه مطالب أميركية ولكن أين مطالب ومصالح سوريا؟ نحن لا نسعى لعداء مع بلادكم ولكنّ لنا حقوقا ومطالب ومصالح. ما يهمنا مصير الجولان والوثوق بوعودكم، وعدنا بوش الأب وذهبنا إلى مؤتمر مدريد (للسلام في 1991) ولم نصل إلى شيء. أنتم تحدثتم عن لبنان وقررتم بصورة عابرة عن سوريا ولبنان، نريد التزاما محددا".
أجاب باول: "بعد الانتهاء من المشكلة الفلسطينية سنركز على تنظيمات إرهابية في سوريا ولبنان. وسبق للرئيس حافظ الأسد أن رفض إنهاء كافة الجولات التفاوضية مع إسرائيل"، فأجاب الأسد بالتركيز على الحل الشامل للسلام مع إسرائيل، قائلا: "نحن أغلقنا حدودنا مع العراق ولم نستقبل أيا من القيادات العراقية وأنتم اعتقلتم بعضهم وتعرفون الحقائق".
وتناول باول بالتفصيل موضوع تهريب السلاح إلى العراق وعبور "الجهاديين" والمتطوعين للقتال ضد الأميركيين. وحصل نقاش طويل بين الأسد وباول حول هذا الأمر. وأكد الوزير الأميركي أن "أي حكومة جديدة في العراق يجب أن تكون على علاقات ودية مع سوريا. كما يمكن بحث إعادة ضخ النفط في مرحلة مقبلة".
وعندما طلب الوزير الأميركي إغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية، قال الرئيس السوري إن هذا الأمر "سيناقش".