في عالم تُهيمن عليه الشاشات، تبرز لنا منصات التواصل الاجتماعي كساحة تفاعلية عصرية، بين جنباتها نرقص على شفرات السيوف، ونتبادل الأفكار وننشر محتوى يطوف أرجاء الفضاء الرقمي، مخلّفا بصمات واضحة على سلوكنا وتفاعلنا، وراسما معالم مجتمعنا، ومعبّرا عن شخصياتنا.
تُشكل هذه المنصات ساحة واسعة تتفاعل فيها الأفكار، وتتلاقى وتتصادم، تاركة أثرها على تعامل البشر. فمن ناحية، تُسهل بين مرتاديها التواصل وتبادل المعلومات، مما يُثري معارفهم ويُوسع آفاقهم، ومن ناحية أخرى تُخفي هذه المنصات مخاطر لا يمكن تجاهلها، فإدمانها قد يُصبح سجنا رقميا، يُبعدنا عن واجباتنا الحياتية ويُعيق تفاعلنا الحقيقي مع من حولنا. كما تُشكل ظاهرة التنمر الإلكتروني شبحا يُهدد سلامة الأفراد، خاصة صغار السن الذين يعدّون الأكثر عرضة له.
وفي حين تخلق قنوات وسائل التواصل ساحة افتراضية عامة، لتناقل الأفكار والأحداث والمحتوى ونشر الوعي حول القضايا الاجتماعية والسياسية، والتحفيز على المشاركة في الأنشطة والفعاليات التي تُحدث تغييرا إيجابيا في المجتمع. إلا أنها في المقابل قد تُصبح ساحات للصراع والانقسام. فمع انتشار خطاب الكراهية والتمييز العنصري، تُصبح أداة سهلة لنشر الأفكار المتطرفة والترويج للإرهاب والعنف، مما يُهدد استقرار المجتمعات وتماسكها بتطوير هذا العنف إلى ثورات كما حدث في سنوات ماضية.