هذا العنوان مقتبس من كلمة كان هايدغر ألقاها تحت عنوان: "ملاحظة قبل قراءة أشعار" يقول فيها: "أسمح لنفسي بهذه الملاحظة التمهيدية كمستمع من بين المستمعين. وهي ترمي إلى الإشارة إلى الكيفية التي ينبغي أن نُصيخ بها السمع. فما عسى، في هذا العالم المهتز، يستحق أن يُطرح موضع سؤال أكثر من القصيد؟
ولكن، أليس من قبيل المغامرة، في زمن تسقط فيه فضاءات الكائنات البشرية في هوة الخلط والتشويش، الخوضُ في قراءة عمومية، وإلى حد ما اعتباطية، لبعض القصائد؟ ومع ذلك فالإنسان، كما يقول هولدرلن، شاعر يسكن هذه الأرض. حتى الوجود وسيادة التقنية يستمدان حياتهما من حقيقة هذا الكلام. إلى أي حد يسكن الإنسان شاعرا؟
إذا كان الإنسان يسكن على هذا النحو فلأنه يتكلم. كيف يتكلم الإنسان؟ إنه يتكلم من حيث إنه يستجيب للغة. ذلك لأن اللغة، على وجه الدقة، هي التي تتكلم. والناس لا يتكلمون قط إلا من حيث يستجيبون، أي من حيث إنهم يُودعون وجودهم إلى الكلام الذي يأتيهم من اللغة. لكن، كيف تتكلم اللغة؟ إنها تتكلم أصلا وتتحقق في الشعر. بيد أن الشعر ليس هو الأشعار. النثر أيضا شعر. ليس كلام النثر نثريا. لذلك فإن النثر الحق نادر ندرة الشعر الرائع.