بإعلان "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مقاطعته للانتخابات البرلمانية المقبلة في إقليم كردستان العراق، المزمع إجراؤها في العاشر من يونيو/حزيران المقبل، فإن كردستان قد تشهد أزمة سياسية حادة خلال الأسابيع القادمة، تؤثر على مفاصل الحياة العامة داخلها. وقد تمتد إلى باقي أنحاء العراق. فـ"الديمقراطي الكردستاني" حزب حاكم في الإقليم منذ عقود، وهو أقدم الأحزاب الكردية العراقية وأكثرها جماهيرية. وكتلته البرلمانية، مع بعض حلفائه السياسيين الأصغر حجما، كانت على الدوام أكثر من نصف مجموع مقاعد البرلمان المحلي، طوال أكثر من ثلاثة عقود، هي عمر التجربة السياسية البرلمانية للإقليم. كذلك لأن الكردستاني يسيطر عمليا على مفاصل سياسية واقتصادية وأمنية هامة للغاية في مناطق نفوذه، في محافظتي أربيل ودهوك، والمناطق الكردية من محافظة نينوى "الموصل".
بالإضافة لكل ذلك، فإن الكردستاني هو أحد مؤسسي النظام السياسي الجديد في العراق، وشريك أساسي في التحالف الحاكم له منذ العام 2003، ومؤثر على توازناته الداخلية، السياسية والأهلية.
واجهة قضائية وأساس سياسي
حسب بيان المقاطعة الصادر عن "الديمقراطي الكردستاني"، فإن القرارات المتتالية التي أصدرتها المحكمة الاتحادية بشأن آلية إجراء الانتخابات في إقليم كردستان دفعته لذلك. لأنها تجاوزت اختصاصها ومواضيع وأماكن ولايتها القضائية، وتاليا الدستور الذي أطر له ذلك تفصيلا، وفق البيان.
فالحزب أشار إلى إلغاء المحكمة الاتحادية فقرة "إقليم كردستان دائرة انتخابية واحدة" من قانون الانتخابات في الإقليم، محولة إياه إلى أربع دوائر، معتبرا القرار تجاوزا للدستور العراقي، الذي يعطي "الرفعة والأولوية" للقوانين الصادرة في الإقليم في حال اعتراضها مع نظيرتها الاتحادية/المركزية. كذلك ألغت المحكمة الاتحادية الحصة البرلمانية المخصصة لأبناء القوميتين التركمانية والآشورية/الكلدانية (11 مقعدا من أصل 111 مقعدا)، ما اعتبره "الديمقراطي الكردستاني" منافيا للمادة 117 من الدستور، التي تضمن الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية لأبناء القوميات الأخرى في العراق، من غير القوميتين الأساسيتين، العرب والكرد. وإلى جانب ذلك، فإن "الديمقراطي الكردستاني" عبر عن رفضه لقرار المحكمة الاتحادية بـ"إقصاء السلطة القضائية في الإقليم عن البت في الطعون الانتخابية التي جاءت في قانون انتخاب برلمان كردستان وإناطة هذه الصلاحية إلى هيئة قضائية تتبع (مجلس القضاء الأعلى) الاتحادي"، مصنفة إياه كتجاوز خطير على السلطة القضائية في الإقليم.
"الديمقراطي" أشار إلى تجاوز المحكمة لسلطتها القضائية في الفصل بين المنازعات إلى العمل والإقرار في الحيزين التشريعي والتنفيذي، مذكرا بقراراتها في إلغاء قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، والذي أُقر حسب المادة 110 من الدستور، ورفعها ليد المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء في الإقليم عن تنظيم الانتخابات، مضيفا أن هذه "الخروقات" من المحكمة الاتحادية دفعت أطرافا أخرى في العراق والإقليم لأن تتصرف وتحدد آليات تنظيم الانتخابات من خارج المؤسسات الدستورية للإقليم، في إشارة ضمنية للمفوضية العراقية المستقلة للانتخابات.