أما ليبيا المنقسمة شرقا وغربا، فالمعروف عن الجنرال خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا (حكومة بنغازي) أنه متوجس جدا من أي اقتراح يأتي من قبل العسكر الجزائري، وكان الخلاف وصل إلى شفا حرب بين الجيشين قبل عامين.
إقرأ أيضا: وزير الاقتصاد الليبي لـ "المجلة": الاستثمار آمن... ومن يأتي أولا يربح أولا
وقال المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي الليبي، محمد السلاك، إن "الظرف الدولي والإقليمي الراهن لا يسمح بمثل هذه الاجتماعات. ويلزم على الدول المغاربية أن تتأنى في اتخاذ خطوة كهذه، خصوصا تونس وليبيا، وتنأى بنفسها عن حالة الاستقطاب بين المغرب والجزائر". وأضاف لوكالة "سبوتنيك" الروسية "في تقديري لا معنى لاستبعاد المغرب بهذه الكيفية سوى الانخراط بشكل منحاز في قضية خلافية بين بلدين شقيقين، وهذا بدوره قد يعمق الخلاف في هذا التوقيت الحرج".
وكان الاقتصاد الليبي تحسن العام المنصرم بعد استئناف إنتاج النفط وتصديره، وزيادة كميته، علما أنه شكل 97 في المئة من عائدات البلد، بمعدل 1,19 مليون برميل يوميا، جعلته في المرتبة الثانية وراء نيجيريا وقبل أنغولا. كما صدرت ليبيا 2,5 مليون متر مكعب من الغاز إلى إيطاليا عبر أنبوب "غرينستريم" (Greenstream) تحت البحر الأبيض المتوسط. وحقق النمو الاقتصادي قرابة 19 في المئة بحسب صندوق النقد الدولي بعد تراجع بلغ 11,4 في المئة عام 2022.
ليبيا بعكس تونس اقتصاديا
بعكس تونس، لا تحتاج ليبيا إلى دعم اقتصادي أو سياسي من الجزائر، خصوصا أن قرار نهاية الانقسام الداخلي مرتبط بأطراف خارجية لم تتوافق بعد على صيغة الحل. ولن تغامر الأطراف المتنافسة بالإجهاز على مكتسبات حوار الصخيرات وبوزنيقة جنوب الرباط الذي استمر شهورا طويلة، حيث كان الفرقاء الليبيون في ضيافة مغربية دون تدخل في قناعاتهم، وعلى المسافة نفسها منهم.
للبحث عن خلفيات سعي الجزائر إلى إبعاد المغرب عن التحالفات الجديدة، يجب التوقف عند تدهور العلاقات مع دول الساحل، خصوصا مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو، التي شهدت سلسلة من الانقلابات العسكرية في السنوات الأخيرة. وهي الدول نفسها التي اقترح المغرب ربطها بسواحل المحيط الأطلسي نهاية العام، عبر شبكة من الطرق البرية والسككية لفك العزلة عنها، وتمكينها من زيادة تجارتها الخارجية وتحسين مستوياتها المعيشية والتنموية.
وكتبت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية "ان الجزائر فقدت نفوذها السياسي والاقتصادي لصالح المغرب في محيطها بدول الساحل الأفريقي، وأدار المجلسان العسكريان في مالي والنيجر ظهريهما للجزائر، في حين يقوم المغرب بتعزيز نفوذه في تلك المناطق، واقترح ربطها بموانئه الجنوبية لفك العزلة عن أربع دول حبيسة في الساحل".
وقال الوزير الجزائري السابق عبد العزيز رحابي لصحيفة "لوفيغارو" أن "استقرار الجزائر تزعزع بسبب الانقلابات في منطقة الساحل، وأيضا بسبب خروج قوة برخان الفرنسية العسكرية من مالي. وتواجه بلاد المليون شهيد حاليا نشاطا متزايدا ومنافسا تلعبه قوى غير إقليمية، مثل روسيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة وغيرها".