تعبر الفيدرالية في العراق عن أبرز مؤشرات هشاشة نظام الحكم، وتعد من أهم ملامح غياب الرؤية السياسية والأفق السياسي للنخب الحاكمة التي شرعت الدستور في 2005. فعلى الرغم من مضي عشرين عاما على الانتقال من نمط الدولة المركزية إلى الدولة الفيدرالية في العراق، لم تترسخ إلى الآن تجربة الفيدرالية كنظام حكم مستقر وواضح العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد. وعلى العكس من التجارب التاريخية في الانتقال من نظام حكم إلى آخر، يكون التقادم الزمني كفيلا بتصحيح الأخطاء.
إلا أن تطبيق الفيدرالية في العراق يسير عكس هذه القاعدة. إذ على الرغم من مرور عشرين عاما، تزداد الخلافات بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية تعقيدا، ولا تجد طريقا للحل، وإنما تتم معالجتها بالاتفاقات السياسية التي تحل الأزمة مؤقتا، ومن ثم نعود إلى المربع الأول بعد انتهاء التوافقات أو الانقلاب عليها.