في أربعينات القرن التاسع عشر، كانت إحدى النظريات الصحية البارزة آنذاك - نظرية الوبالة - تقول إن الروائح الكريهة والهواء الملوّث، وخصوصا في وقت الليل، يؤديان إلى إصابة الناس بالأمراض مثل الكوليرا والموت الأسود (الطاعون). وفي نهاية العقد، أي في عام 1849، وبعدما سُجِّلت أكثر من 50 ألف وفاة في إنكلترا وويلز، انتاب طبيب شاب يُدعى جون سنو - أحد مؤسسي علم الأوبئة الحديث – الشك في تلك النظرية السائدة، واقترح أن يكون تلوث المياه السبب الرئيس وراء انتقال العدوى.
حدّد سنو إحدى مضخات المياه بوصفها مصدر الوباء، باستخدام شبكة جغرافية لرسم خرائط الوفيات الناجمة عن تفشي الكوليرا في لندن. وانتهى الوباء بعد إزالة المضخة، ووُضع تشريع في نهاية المطاف في لندن وخارجها لبناء نُظم المياه والصرف الصحي، ساعد في منع تفشي المرض بعد ذلك. وفي نهاية القرن التاسع عشر، كانت اللقاحات الأولى للكوليرا قد استُحدثت. ولكن للأسف، ليست هذه نهاية القصة.
فلا تزال الكوليرا اليوم تتسبب بالمرض وتحصد الأرواح، وهي عادت لتنتقم بعد سنوات من إحراز التقدم، حيث أبلغ 23 بلداً عن تفشي هذا المرض الفتاك منذ عام 2024. وتعد النزاعات والفقر وأزمة المناخ وأوجه الإجحاف الاجتماعية والاقتصادية في العالم، كلها من الأسباب الأساسية التي تجعل تفشي المرض أوسع نطاقاً وأشد فتكاً.