في السنتين المنصرمتين منذ غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا، تحدى الاقتصاد الروسي المتشائمين مرارا وتكرارا. لم يحدث الانهيار المالي المتوقع على نطاق واسع في ربيع 2022. صحيح أن الاقتصاد دخل في حالة ركود، لكنها كانت أقل حدة من المتوقع ولم تدم طويلا. وكان التضخم الفزاعة الأخيرة. ففي العام الماضي ارتفعت الأسعار بسرعة كبيرة، واعتقد خبراء الاقتصاد أن الأسعار يمكن أن تخرج عن السيطرة. حتى أن السيد بوتين شعر بالقلق، فحث في فبراير/شباط المسؤولين على إيلاء ارتفاع الأسعار "اهتماما خاصا".
لكن يبدو أن الاقتصاد الروسي يثبت مرة أخرى خطأ المتشائمين. تُظهر المؤشرات أن الأسعار ارتفعت نحو 0.6 في المئة فقط على أساس شهري في فبراير/شباط، بعدما كانت 1.1 في المئة في نهاية العام الماضي. وربما لن يرتفع التضخم على أساس سنوي، بعدما بلغ 7.5 في المئة في نوفمبر/تشرين الثاني. ويتوقع العديد من المحللين انخفاض المعدل إلى 4 في المئة فقط عما قريب، كما استقرت توقعات الأسر في شأن التضخم المستقبلي. أما الانتخابات الرئاسية الروسية فإن نتيجتها محسومة مسبقا. ولو كانت الانتخابات تنافسية، فإن هذه الأرقام لن تضر بالسيد بوتين.
لجم التضخم
وكان التضخم الروسي شهد ارتفاعا كبيرا في العام المنصرم نتيجة الارتفاع الشديد في الإنفاق الحكومي، الذي فاق ما أنفق خلال جائحة "كوفيد-19". ومع اشتداد عزيمة السيد بوتين في غزوه لأوكرانيا، زاد الإنفاق على كل شيء من معدات النقل والأسلحة وصولاً إلى رواتب الجنود. فارتفعت النفقات الإجمالية للحكومة بنسبة 8 في المئة بالقيمة الحقيقية. وفاق ارتفاع الطلب على السلع والخدمات قدرة الاقتصاد على توفيرها، مما دفع البائعين إلى رفع الأسعار. وصار من الصعب جدا العثور على عمال، لا سيما بسبب استدعاء مئات الآلاف الى الخدمة العسكرية وفرار عشرات الآلاف من البلاد. وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، كانت الأجور الاسمية ترتفع بوتيرة سنوية بنسبة 18 في المئة، مقارنة بـ 11 في المئة في بداية السنة. وأدى ذلك إلى تضخم أسعار الخدمات للقطاعات التي تحتاج الى كثير من العمالة مثل الرعاية الصحية والضيافة.