من شأن إنشاء قوة بحرية متخصصة من قبل الاتحاد الأوروبي لحماية البحر الأحمر، أن يعزز أمن هذا الممر البحري الحيوي، ولكنه في الآن نفسه يسلط الضوء على الانقسامات الكبيرة بين القادة الأوروبيين بشأن النهج الأكثر فعالية لمواجهة التهديد الذي يشكله "الحوثيون" في اليمن. فمنذ أن بدأ هؤلاء المتمردون الذين تدعمهم إيران في استهداف السفن في البحر الأحمر كإجراء انتقامي ضد الأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة، تولت الولايات المتحدة إلى حد كبير المسؤولية الأساسية عن تأمين الطرق البحرية الدولية في المنطقة، بدعم من مجموعة قتالية من حاملات الطائرات.
بدورها استهدفت المملكة المتحدة "الحوثيين" في اليمن، ولكن عملياتها اقتصرت على الغارات الجوية من قاعدة للقوات الجوية الملكية في قبرص، بسبب عدم قدرة سفنها الحربية الإقليمية على الانخراط في هجمات برية.
وكان لا بد من تأجيل مقترحات الحكومة البريطانية لدعم العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة من خلال نشر حاملة الطائرات "الملكة إليزابيث" الجديدة التي يبلغ وزنها 65 ألف طن بعد أن تم الكشف عن أن السفينة تعاني من مشاكل في عمود المروحة، مما يجعلها غير قادرة على العمل بفعالية في منطقة حرب نشطة.
وفيما خلا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فإن الدولة الغربية الأخرى الوحيدة التي شاركت حتى الآن في عمل عسكري ضد "الحوثيين" هي فرنسا، التي شاركت إحدى فرقاطاتها في إسقاط عدد من طائرات "الحوثيين" دون طيار في يناير/كانون الثاني.
"الدرع" الأوروبي
آثرت القوى الأوروبية الكبرى الأخرى حتى الآن الامتناع عن التورط في مواجهة عسكرية مع "الحوثيين"، خشية أن يؤدي ذلك إلى تصعيد كبير في التوترات في المنطقة. وقد اختاروا بدلا من ذلك دعم الجهود الدبلوماسية لترتيب وقف إطلاق النار في غزة، حيث ادعى "الحوثيون" أنهم سيوقفون هجماتهم في البحر الأحمر إذا تم تنفيذ مثل هذا الاتفاق.
ويؤيد الزعماء الأوروبيون إنشاء مهمة بحرية للاتحاد الأوروبي لضمان المرور الآمن للسفن عبر مضيق باب المندب، وهو نقطة دخول بالغة الأهمية إلى قناة السويس وأحد أكثر الطرق التجارية التي تجري من خلالها تجارة العالم. وفي 19 فبراير/شباط، صدق وزراء الاتحاد الأوروبي على تشكيل هذه المهمة، المعروفة باسم عملية "أسبيدس"– أي الدرع باليونانية، في إطار القوة البحرية للاتحاد الأوروبي، للمساهمة في الجهود الدولية الرامية إلى تأمين الشحن في البحر الأحمر.
ومن بين الدول التي تعرض تقديم أصول بحرية لهذه المهمة فرنسا واليونان وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا، حيث تنطلق المهمة من لاريسا في وسط اليونان، المقر الرئيس للقوات الجوية اليونانية، والذي يخدم أيضا كمقر لـ"حلف شمال الأطلسي".
وسيكون من بين مهام العملية تحقيق التوازن بين الأساليب المختلفة للدول الأوروبية، التي تفضل عموما اتباع نهج أكثر دفاعية مقارنة بالنهج الذي تتبناه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وكان المسؤولون الأوروبيون واضحين، عند إضفاء الطابع الرسمي على إنشاء القوة البحرية الجديدة، في أنها لن تشارك في أي ضربات عسكرية وستعمل فقط في البحر.