لم يكن مكتوبا على الجدار. فجأة ومن دون سابق إنذار أعلنت الرياض وطهران في العاشر من مارس/آذار 2023 استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، مؤكدين على ذلك في بيان مقتضب جاء فيه: "استجابةً لمبادرة كريمة من رئيس الصين. ورغبة منهما في حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية. جرت في الفترة من 6 إلى 10 مارس 2023 في بكين، مباحثات بين وفدي السعودية وإيران. وتعلن الدول الثلاث أنه تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران".
الاتفاق أيضا أكد على احترام الطرفين سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعلى تفعيل اتفاق عام 2001 للتعاون الأمني واتفاق عام 1998 للتعاون الاقتصادي، والتجاري والثقافي والعلمي.
كان مكتوبا على الجدار. في سبتمبر/أيلول عام 2019 تعرضت منشأتا بقيق وهجرة خُرَيص التابعة لـ"أرامكو" للقصف بطائرات مسيرة وصواريخ كروز أدت إلى تعطيل صادرات المملكة من النفط للنصف. وفي الفترة الممتدة بين 2015 وديسمبر/كانون الأول 2018، شن الحوثيون هجمات عديدة على السفن والناقلات السعودية في البحر الأحمر، وخلالها تمت ممارسة الضغوط على المملكة لفتح ميناء الحديدة البحري بدلا من حماية "حرية الملاحة في البحر الأحمر". وفي عام 2015 كان قد تم توقيع الاتفاق النووي مع إيران، ولم يتم أخذ مصالح المملكة ورأيها فيه عند توقيعه.
نهاية طريق؟
كان واضحا أن مقاربة المملكة القديمة التي اعتمدت على توازن القوى في منطقة الخليج بالاعتماد على الحلفاء الدوليين وصلت أو أوشكت أن تصل إلى نهاية الطريق. وعزز من قناعاتها هذه ما صدر عن الرئيس جو بايدن من تصريحات أثناء حملته الانتخابية وملخصها أن الولايات المتحدة لن تتعامل خلال ولايته مع المملكة كدولة "صديقة".
المصالح التي ربطت بين البلدين لسبعة عقود وصلت إلى نقطة افترقتا فيها لأسباب بنيوية أميركية وسعودية. الأولى لم تعد بحاجة لنفط المملكة بعد أن أصبحت تنافسها في السوق العالمية على تصديره، والأخيرة أصبحت تعتمد أكثر في ازدهارها الاقتصادي على تبادلها التجاري وعلى علاقاتها الاقتصادية والتقنية مع الصين.