مني أركو مناوي من الشخصيات الرئيسة في المشهد السوداني، ليس فقط كونه حاكم إقليم دارفور حاليا بل هو أيضاً قائد "حركة تحرير السودان" الناشطة في الإقليم وانضم إلى الحكومة بعد توقيع اتفاقية جوبا للسلام نهاية 2020، بعد نجاح "ثورة ديسمبر" في السودان في إسقاط الرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان 2019. وتأتي أيضا، أهمية شهادته جراء علاقاته مع الجيش وقائده الجنرال عبدالفتاح البرهان وصراعاته مع قائد "قوات الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي) وانخراطه في التحولات التي جرت في البلاد في السنوات الأخيرة.
أجرت "المجلة" حوارا شاملا مع مناوي عن الأوضاع في السودان ومشاهداته في حشد "حميدتي" قواته ومعدات ثقيلة إلى الخرطوم قبل شهر من 15 أبريل/نيسان 2023، يوم بدء "حرب الجنرالين" وانقلاب البرهان و"حميدتي" على حكومة عبدالله حمدوك قبل ذلك.
وروى مناوي دوره لوقف الحرب لآخر لحظة في 15 أبريل، وأنه كان في طريقه إلى منزل حميدتي في الخرطوم، لكنه "طلب مني أن لا أحضر إلى منزله لأنه أصبح في مرمى النيران ومكانا للاشتباكات لأنه كان موجودا في حي المطار قرب القيادة العامة وقرب البرهان وكانت الاشتباكات مشتدة هناك". وأشار إلى أنه أدرك بعد أسبوعين أن "حرب الجنرالين" أفلتت من عقالها.
وتحدث عن الأوضاع الميدانية في إقليم دارفور بعد اجتياحه من قبل قوات "حميدتي" وعلاقتها مع "قوات فاغنر" الروسية والبحث عن مناجم الذهب في السودان، وأكد وجود قادة أجانب في "غرف عمليات الدعم السريع".
وشن مناوي حملة على "قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي"، قائلا: "هم سببوا انشقاقا بين القوتين المسلحتين، سواء القوات المسلحة أو قوات الدعم السريع، وهم من أقنعوا قائد الدعم السريع بأن يقوم بهذه العملية. تقديراتهم بسيطة جدا بأن يحصل انقلاب في خلال ساعات وتنصرف الأمور، ثم يقومون بتصفية خصومهم ومن ثم يتمتعون بالسلطة الأبدية بحماية بعض البعض". وقال: "حميدتي وحمدوك جناحان لتنظيم واحد".
وهنا الحلقة الأولى من الحوار الذي جرى عبر تطبيق "زووم":
* بداية، إذا عدنا إلى 15 أبريل 2023 أين كنت؟ ماذا حصل في ذلك اليوم؟
- في 15 أبريل كنت في الخرطوم التي وصلتها قبل ذلك بفترة وبقيت فيها حوالي أسبوعين بعد اندلاع المعارك.
* هل يمكن أن نستعيد ذلك اليوم، أين كنت، ماذا حصل، خاصة فيما يتعلق بالبعد العسكري، هل جرى أي اتصال بينك وبين الجنرال عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني، أو بينك وبين الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد "قوات الدعم السريع"؟
- أولا قبل التحدث عن يوم 15 أبريل، علينا أن نبدأ قبله بقليل، فنحن كنا نشاهد حشود "الدعم السريع" وخاصة نقل المقاتلين من دارفور ومن الدول المجاورة. وكنت في 14 مارس/آذار، أي قبل شهر بالضبط، في طريقي إلى دارفور من الخرطوم وهو طريق يمتد حوالي 1200 كيلومتر. أثناء سيري في هذا الطريق على مدى ثلاثة أيام كنت أشاهد وأحصي السيارات واللواري (الشاحنات) التي تحمل كل منها بين 150 و200 شخص من المقاتلين إلى الخرطوم بطريقة واضحة. شخصيا أحصيت 67 شاحنة تحمل مقاتلين في طريقها إلى الخرطوم من دارفور، وبعضها عبر دارفور، ولكن من دول غير السودان.
* قبل شهر؟
- كان ذلك واضحا جدا وذلك قبل شهر بالتحديد من تاريخ اندلاع الحرب. بالإضافة إلى ذلك، كنت أدخل الفاشر، عاصمة (شمال) دارفور، وكان عند مدخل الفاشر مقاتلون ينتظرون سحبهم إلى الخرطوم وكان عددهم كبيرا، أكثر من سبعة آلاف مقاتل ينتظرون إيجاد الشاحنات والمواصلات من أجل نقلهم إلى الخرطوم. وكان ذلك بواسطة "الدعم السريع".
* ماذا عن الوضع في الخرطوم وقتذاك؟
- كنت شاهدا أيضا على الاضطرابات التي حصلت وخاصة المشاكل التي حصلت بين الجيش و"الدعم السريع" وتطورت هذه المشاكل بعد التوقيع على ما سمي "الاتفاق الإطاري" الذي كان إطارا للحرب. ولو لم تقم الحرب بين "الدعم السريع" والجيش لكانت قامت الحرب مع الحركات والقوى السياسية التي رفضت التوقيع على ذلك الاتفاق. ربما كان من الممكن في ذلك الوقت أن يلتحم الجيش مع "الدعم السريع" لكن وجوهاً كانت وراء تلك الحرب بينها الكثير من أصدقائي في "الحرية التغيير"-المجلس المركزي".