انزلقت اليابان بشكل غير متوقع إلى الركود وفقدت لقبها كثالث أكبر اقتصاد في العالم لصالح ألمانيا، ويعتمد الاقتصادان الياباني والألماني بشكل كبير على الصادرات. ورغم مواجهة الاثنين عقبات كبيرة فإن اليابان تعاني أكثر من ألمانيا جراء النقص الحاد في العمالة لديها وانخفاض عدد سكانها.
بيد أن "ليس كل ما يلمع ذهبا"، إذ تمر ألمانيا أيضا بلحظة حرجة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بعد مرور ثلات سنوات على حقبة أنغيلا ميركل.
لا يعد الوضع الألماني استثنائيا في أوروبا. لكن هذا البلد الأكبر من حيث عدد السكان وصاحب المركز القيادي اقتصاديا في أوروبا تترتب عليه مسؤولية خاصة لتدعيم الاتحاد الأوروبي والحفاظ على التماسك الألماني.
من حقبة ميركل المميزة إلى حقبة شولتز الصعبة
عادت ألمانيا بقوة إلى المسرح العالمي من موقع الريادة الأوروبي وذلك بعد سبعين سنة على هزيمتها النكراء في الحرب العالمية الثانية وبعد أكثر من ربع قرن بقليل على إعادة توحيدها.
عبر تاريخها المضطرب والغني على حد سواء، بلورت ألمانيا في القرن الماضي علم الجيوبوليتيك ومفهوم المجال الحيوي (نحو شرق ووسط أوروبا) كي تفرض نفسها قوة برية كبرى في خدمة النفوذ والتوسع. وفي حقبتنا الحالية بعد سقوط جدار برلين وتفاقم الفوضى الاستراتيجية. تعد ألمانيا من أفضل الأمثلة على استخدام القوة الناعمة في سبيل ترويج توسعها الاقتصادي ونفوذها العالمي.
بيد أن تصدع العولمة وصعود القوميات والهويات وضع الدور الألماني على المحك في قيادة القارة القديمة مع أنغيلا ميركل، المستشارة لأربع ولايات متواصلة بين 2005 و2021. وراهنت "الإمبراطورة" أنغيلا مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما على عدم العودة إلى عالم ما قبل العولمة. وفي مرحلة 2014-2016، برز البعد الإنساني والأخلاقي لزعامة ميركل في إدارتها أزمة تدفق اللاجئين إلى أوروبا.