يتضمن مشروع القانون المطروح على طاولة مجلس الوزراء اللبناني لمعالجة أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها، نصا يفرق بين "الودائع المصرفية المؤهلة" المكونة من العملات الأجنبية قبل اندلاع انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وتلك "غير المؤهلة" التي تم تحويلها إلى عملات أجنبية بعد هذا التاريخ، فيحدد سقف الضمان النقدي للفئة الأولى بمئة ألف دولار وللثانية بستة وثلاثين ألف دولار.
هذا التمييز بين الودائع استهجنه معظم أصحاب الودائع على أساس أن المسؤولين الموكلين بالقانون، هم أنفسهم غير مؤهلين لتصنيف الودائع وحقوق الناس على النحو الذي تم به، نظرا الى التضارب البين في المصالح، وهو أمر لا يسمح به العديد من الدول المتقدمة التي تعتمد بالنسبة إلى النواب إما مدونات لقواعد الأخلاق أو الآداب (Code of Ethics) تتضمن مبادئ عامة للسلوك من دون تحديد للعقوبات عند انتهاكها، وإما مدونات سلوك (Code of Conduct) تتضمن قائمة بالسلوكيات التي يجب تبنيها والعقوبات في حال عدم الامتثال.
ففي ألمانيا وإيرلندا والمملكة المتحدة، يطلب من النواب إعلان وجود أي تعارض فعلي أو محتمل في المصالح من جهة الأصول والالتزامات على السواء. وفي السويد، لا يجوز للعضو المشاركة في مداولات المجلس أو حضور أي جلسة تتعامل مع مسألة تهمه شخصيا أو أحد أقاربه. وفي كندا، يمنع القانون على النائب التصويت على موضوع لديه مصلحة خاصة فيه، وإلا ففي الإمكان الطعن لإبطال تصويته.
أما الوزراء والنواب ومسؤولو القطاع العام، في مقدمهم القيمون على المصرف المركزي، فيخضعون لقواعد سلوك أكثر صرامة. والسبب، أن وظائفهم تتضمن سلطة إدارة الأموال ووضع البرامج العامة، ولديهم إمكان أكبر للوصول إلى المعلومات الحساسة (Insider Information).
إقرأ أيضا: بيروت: دراجات نارية ومصارف قاتلة
أحسنَ مشروع قانون معالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها بمطالبة كل عضو من أعضاء الهيئة التي نص على إنشائها لتشرف على إعادة هيكلة المصارف، وتحوطا من تضارب المصالح، بالتصريح عن أي علاقة مباشرة وغير مباشرة، خلال السنتين المنصرمتين، مع أي مصرف، وبالامتناع عن المشاركة والتصويت على أي قرار يتعلق بالمصرف المعني. كما أحسن بتحديده معايير غياب تضارب المصالح بأن لا يكون العضو في الهيئة من المساهمين الكبار في المصرف أو شغل لديه منصب عضو مجلس إدارة أو في الإدارة العليا أو مستشارا، وأن لا يكون مقترضا منه أو مودعا لديه أو على علاقة قربى، حتى من الدرجة الثانية، مع المراكز السابقة الذكر. وتسري هذه المعايير على أي مدير موقت تعينه الهيئة لمصرف ما.