واشنطن - مع استمرار تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، يظل موقف الولايات المتحدة المستقبلي في المنطقة محورا رئيسا في مناقشات السياسات الخارجية. إلا أن هذه المناقشة لن تكون مكتملة دون النظر إلى دور روسيا في المنطقة- وتحديدا كيفية استخدام موسكو لعلاقاتها الدفاعية لتمكين منافستها طويلة الأمد مع الغرب في الشرق الأوسط.
وعلى خلفية التصعيد المستمر بين إيران ووكلائها من ناحية، والولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية أخرى، باتت مسألة المنافسة طويلة الأمد بين القوى العظمى في المنطقة تظهر بشكل واضح. فمن جانبه، يعتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يخوض معركة وجودية مع الولايات المتحدة، وينظر إلى الشرق الأوسط باعتباره ساحة رئيسة يمكن لروسيا التأثير فيها على نتائج هذا التنافس.
قبل الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، برز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باعتباره ثاني أهم سوق للأسلحة في روسيا. وعادت روسيا نفسها إلى الظهور مرة أخرى كواحدة من أكبر مصدري الأسلحة في العالم، في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة. ولكن مع تركيز موسكو على أوكرانيا، بات لزاما على صناع السياسة الخارجية مراقبة حالة تجارة الأسلحة الروسية، وكيف تعمل علاقاتها الدفاعية في الشرق الأوسط على تعزيز نفوذها، فضلا عن المصالح الاستراتيجية الأكبر.
ويقوم الوجود الدفاعي الروسي في الشرق الأوسط على ثلاث ركائز: مبيعات الأسلحة (إلى جانب التدريبات العسكرية المشتركة)، والوصول إلى القواعد العسكرية، واستخدام القوات شبه العسكرية، وعلى رأسها مجموعة فاغنر، التي غُير اسمها مؤخرا إلى "الفيلق الأفريقي".
صفقات الأسلحة الروسية مع الشرق الأوسط
تظهر البيانات المتاحة من معهد استكهولم الدولي لأبحاث السلام، أن حصة روسيا من صادرات الأسلحة العالمية انخفضت قبل غزو أوكرانيا، لكن السبب الرئيس لهذا الأمر هو في المقام الأول أن الهند- أكبر مشتر للأسلحة الروسية- خفضت بشكل كبير وارداتها من الأسلحة الروسية، على الرغم من أن الهند زادت في الآونة الأخيرة بشكل كبير وارداتها من النفط الروسي. وواصلت روسيا التركيز على مبيعات الأسلحة في الشرق الأوسط متحدية الهيمنة التقليدية التي تحتفظ بها الدول الغربية في هذه السوق.
وفي فبراير 2021، ذكرت الخدمة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري الفني أن الصادرات العسكرية إلى الشرق الأوسط بلغت نحو 6 مليارات دولار سنويا على مدى السنوات الخمس الماضية، أو ما بين 40-50 في المئة من إجمالي الصادرات العسكرية. كما برزت روسيا أيضا كأكبر مورد للأسلحة للجزائر بحلول عام 2021، ولا سيما عبر توفير بعض أنظمتها الأكثر تقدما، بما في ذلك الطائرات المقاتلة مثل "سوخوي-57".
وبعد غزو أوكرانيا، ذكرت التقارير نقلا عن مسؤولين حكوميين أميركيين أن الإمدادات الروسية من الأسلحة أصبحت مقيدة بالعقوبات وضوابط التصدير وحظر روسيا من استخدام "نظام دفع سويفت"، بالإضافة إلى تحول تركيزها نحو دعم قواتها في أوكرانيا.