قاسم ياسين: الحركة التشكيلية الكويتية كانت سابقا أكثر نضجا وازدهاراhttps://www.majalla.com/node/312176/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D9%82%D8%A7-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%86%D8%B6%D8%AC%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D8%B2%D8%AF%D9%87%D8%A7%D8%B1%D8%A7
للفنون مجالات مختلفة استطاع الفنان الكويتي قاسم ياسين خوض غمارها، وهذا ما جعله يتنقل بين الرسم والطباعة والتصميم والكاريكاتور والرسوم المتحركة، وفي كل اتجاه كان له إنجاز يدل على الاحتراف الذي ميز تجربته الفنية، منذ بدأ بشكلها الأكاديمي عند تخرجه بمرتبة الشرف من كلية الفنون الجميلة،قسم الغرافيك، شعبة الرسوم المتحركة، عام 1980. ومن ثم حصوله على درجة ماجستير في الفن العملي، تخصص ألوان مائية من جامعة متشيغان الغربية، في الولايات المتحدة الأميركية، عام 1983.
يشغل ياسين عضوية العديد من الجمعيات الكويتية إلى جانب عضويته في الرابطة الدولية للفنون باريس، والاتحاد العام للفنانين التشكيلين العرب ورابطة الحرف اليدوية في آسيا. أقام العديد من المعارض الشخصية وشارك في الكثير من المعارض الجماعية وهذا ما أهله للحصول على العديد من الجوائز مثل الجائزة الأولى لمعرض الكاريكاتور الأول في الكويت، وجائزة السعفة الفضية لمهرجان ومعرض الفن الدوري لدول مجلس التعاون الخليجي، في عُمان. هنا حوار معه.
ما القاسم المشترك بين ممارستك مجالات مختلفة من الفن؟
الفن لي هو الاستمتاع، والتنقل من عالم إلى آخر دون التقوقع في مجال واحد، فعالم الفن واسع والخوض فيه يجعلني أكتشف التقنيات والخامات والسطوح والملامس والأدوات. وبما أن على الفنان أن يظهر شخصيته وأسلوبه ومكوناته وثقافته وتجاربه، كان هاجسي منذ البداية أن أميز نفسي عن الآخرين في الأسلوب والطرح، وكان هدفي دائما تقديم الأعمال التي يعجز الكثيرون عن فك شيفرتها، مع مراعاة رونق العمل وجمالياته ومهاراتي الفنية المختلفة.
هدفي دائما تقديم الأعمال التي يعجز الكثيرون عن فك شيفرتها، مع مراعاة رونق العمل وجمالياته
تنحو غالبا إلى استخدام الألوان المائية، فما خصوصية تعاملك معها؟ تعود تجربتي في الألوان المائية إلى بداياتي الفنية، عندما كنت طالبا في المرحلة الإعدادية وكنت أرسم زملائي الطلبة في حصة الرسم بأقلام الرصاص ومن ثم استخدمت الألوان المائية، وكنت مستمتعا بها، ولم تكن بالنسبة إليّ أمرا صعبا، فرسمت بتوجيهات مدرس المادة عددا من الأعمال، ثم خضت تجربة استخدام ألوان أخرى وسيطها الماء كألوان الغواش وألوان البوستر.
وبعد مراحل تعليمية مختلفة وممارسات لمجالات فنية مختلفة، استخدمت الألوان المائية خلال سنوات الدراسة في كلية الفنون الجميلة، في عدد من الحصص الدراسية بنجاح، وبعد التخرج انتقلت إلى مرحلة الماجستير وتحولت من تخصص الطباعة، إلى تخصص التصوير بالألوان المائية في جامعة متشيغان الغربية، ودرست هناك كل التقنيات التي تصاحبها واحترفتها الى درجة أنني ابتكرت تقنيات حديثة لم يسبق أن قدمها أحد من قبلي، واعتمدت ضمن أبجديات وتقنيات الألوان المائية في الجامعة.
تنوع فني
هل هناك تحديات تواجهك عند التعامل مع الألوان المائية، خاصة أنها لا تحتمل الخطأ؟
أمتلك الثقة والطموح والاندفاع عند التعامل مع خامة الألوان المائية لتمرّسي واحترافي بها، وأسعى الى جذب الجمهور ومحاكاة ذائقته اللونية للاستمتاع برؤية ما هو جميل عبر الفكرة والتقنية والملامس المتعددة. وكوني تمرست بالعمل على هذه الخامة من خلال تعليمي بمئة تقنية، فضلا عما ابتكرته بنفسي، أستطيع تجاوز الأخطاء، وهذا أمر أحرص عليه لنفسي ولطلبتي الذين أوجههم لتجنبها.
كنت، منذ حداثة سني، مشغوفا بتجربة الكثير من الأمور الفنية أو الآلية والصناعية، فدائما ما أضع نصب عيني أن جميع الأشياء سهلة، واعتدت الإصرار على التجربة وتكرار المحاولة حتى أحقق غايتي. وكان شغفي بداية بخامات الرسم المختلفة سواء أقلام الرصاص بدرجاته المختلفة أو أقلام الفحم بأنواعه، ثم زاد طموحي وانتقلت إلى الرسم بالحبر الصيني باحتراف وأنا طالب في المرحلة الثانوية نتيجة اقتدائي بأستاذي في مادة التربية الفنية الذي كان متمكنا منها.
الملصق والكاريكاتور
صممت العديد من الشعارات والطوابع والملصقات، أي القواعد تتبعها لإخراج تصميم ناجح؟
مثلما أوضحت، لطالما سعيت إلى التجريب في مختلف الجوانب الفنية، وقد جربت تصميم الشعارات من دون تعليم، إلا أنني عندما دخلت معترك الدراسة في كلية الفنون الجميلة تعلمت الكثير من المفاهيم الفنية، وعرفت أسس التصاميم الزخرفية والشعارات والملصقات، وكان العمل عليها يدويا، قبل دخول التقنيات الحديثة التي تساهم في إنجاز أصعب التصميمات في وقت أقصر، وبعد تخرجي أنجزت الكثير من الملصقات السياسية والرياضية والاجتماعية وكانت أجملها ملصقات تمثل الجمعية الكويتية للدفاع عن ضحايا الحرب بعد تحرير الكويت مباشرة، حيث كنت من صمم شعار هذه الجمعية وكنت عضوا فيها.
على ماذا ركزت في أعمالك الكاريكاتورية التي نُشرت في بعض الصحف والمجلات؟
كنت قبل تحرير الكويت أمارس فن الكاريكاتور بين الحين والآخر، بعمل مجاميع مختلفة من الكاريكاتورات لأصحابي وأقربائي وزملائي في العمل إبان فترة عملي في الأرصاد الجوية. وقبل انتقالي للتعليم في كلية الفنون الجميلة، قسم الغرافيك، شعبة الرسوم المتحركة، كنت أساهم بعدد كبير من كاريكاتورات نشرت في الصحف، وبعد تحرير الكويت عملت بشكل رسمي ويومي في صحيفة "الفجر الجديد" وعرضت الكثير من الرسوم الاحترافية التي تحاكي القضايا الاجتماعية والسياسية والدولية، وكنت متأثرا حينها بالفنان ورسام الكاريكاتور المصري مصطفى حسين.
بين الماضي والحاضر
متى تقرر أن عملك الفني انتهى ولا يحتاج إلى لمسة إضافية؟
كلّ عمل فني أنوي الاشتغال عليه، أضع في البداية خطة له، وأرسم عددا من "الإسكتشات" وأحدد في ذهني الألوان التي يجب وضعها، بانيا الأساس والقواعد اللونية بحيث أتحكم بالإيقاع اللوني، وبالاستعانة بما لديّ من تقنيات، يكتمل العمل الفني كسمفونية متناغمة الإيقاع الموسيقي المباشر والمصاحب وغير المباشر.
صرنا نرى تشجيع من تقل ثقافتهم وموهبتهم ممن يشغلون الساحات الفنية بأعمال لا ترقى إلى طموح الفن ومستواه
ما السمة المشتركة بين معارضك داخل الكويت وخارجها؟
أحرص في معظم المعارض التي أشارك فيها على تقديم ما هو جديد ومبتكر ولافت، وجل اهتمامي الجمهور والمتلقي وأن أجعله يتقرب من لوحاتي ويتفاعل معها، كوني أضع له لمسات يصعب عليه فك رموزها أحيانا، وهذا ما فعلته في أحد معارضي الجامعية عندما تجمع الكثير من الطلبة والأستاذة حول إحدى لوحاتي منتظرين وصولي لعجزهم عن فك شيفرة التقنية التي استخدمتها في تلك اللوحة المائية، لأفسر لهم أن ما يشاهدونه من بريق ولمعان في أحد جوانبها هو نتيجة استخدامي للملح الخشن، الذي بعد رفعه تبقت كمية قليلة منه وترسب على سطحها وعمل ذلك التفاعل. وهذا ما يجعلني مستمتعا بدوري كفنان يمنح العمل الفني الجمال والإثارة.
تحولات كويتية
ما طبيعة التحولات الحاصلة في الحركة التشكيلية الكويتية عبر عقود؟
بحسب خبرتي ومتابعتي للحركة التشكيلية الكويتية، أجدها في السابق أكثر نضجا وتفتحا ومعاصرة للتقدم والازدهار الفنيين اللذين كنا نستمتع بهما، وذلك للتوجهات الراقية ولحرص المسؤولين الذين كان جل اهتمامهم مواكبة فناني الكويت، فكانت المنح الدراسية والدورات التدريبية والورش الفنية تنتقل بالفنانين من دولة الى أخرى لأجل أن يرجعوا بخبرات ومؤهلات فنية عالية، ليثروا الوطن بما يملكون من طاقات تملأ معارض الدولة، وكانت الجهات الحكومية وغيرها من المؤسسات التجارية تحرص على اقتناء الأعمال الفنية التي كانت تتنافس بشكل راق.
إلا أن المشهد تغير بعد الغزو الغاشم للكويت واختلاف التوجهات السياسية وبرامج عمل المؤسسات الحكومية التي كانت تدعم الفنانين، وأخذ منحنى آخر، فصرنا نرى تشجيع من تقل ثقافتهم وموهبتهم ممن يشغلون الساحات الفنية بأعمال لا ترقى إلى طموح ومستوى الفن الذي اعتدنا عليه سابقا، والأمر الآخر رحيل كوكبة كبيرة من الفنانين المخضرمين من الساحة بعد عطاء طويل وزاخر لم يصل إليه غيرهم. إضافة إلى بروز الصراعات الجانبية بين الفنانين من خلال المؤسسات الراعية للفن التشكيلي، الأمر الذي أدى إلى تقوقع الفن دون معالجة وتشخيص للأسباب أو وضع برامج مستقبلية تسعى لاستعادة أمجاد الكويت ثقافيا وتشكيليا.
كيف أثر ذلك عليك شخصيا؟
للأسف، على الرغم من كل ما قدمناه، لم نجد في حياتنا المليئة بالهموم والأحزان والإحباط مناخا صحيا نستطيع فيه تقديم ما هو جديد ويرقى الى مستوى الطموح والتاريخ والعطاء، ولم نجد الدعم والتقدير والتكريم اللائق بعد طول هذه المسيرة التي خسرت بسببها أميز أعمالي الحديثة والأوراق التي تخص أعمالي والتي سرقت من إحدى قاعات العرض الرسمية في الدولة، على الرغم من وجود الأمن والحراسة والكاميرات، الأمر الذي تسبب لي بالإحباط، خاصة أن تلك الجهة الرسمية أخلت مسؤوليتها عن فقداني لأعمالي بحجة أني لم أستلمها مباشرة بعد نهاية المعرض، حيث كانت الكويت والعالم في حالة الاستنفار والخوف من انتشار وباء "كوفيد 19" الأمر الذي منعني من المطالبة