فجأة، عندما تعمل دولة عربية على تأصيل هويتها الوطنية، وتطلق مشروعها الوطني والإقليمي ورؤيتها، يصبح مفهوم الدولة ككيان ومؤسسات برمته في خطر... عندما تسعى مصر إلى إطلاق مشروعها التنموي، يشتعل السودان جنوبها، وغزة شرقها، ناهيك عن ليبيا في غربها. يسعى الأردن إلى ترسيخ استقراره، فإذا بجبهته الشمالية تشتعل حربا مع تنظيمات لا يبدو تهريب المخدرات هدفا وحيدا لها، ويتهدد غربه بفعل حرب مجنونة تشنها إسرائيل على الفلسطينيين. يحاول العراق لملمة جراحه فيقع أسير معارك تخوضها ميليشيات لا تعترف بالدولة العراقية. كيف إذن لمشاريع التنمية والاستقرار الوطنية أن تعيش في ظل إقليم يصارع تنظيمات تفكر إقليميا وتستهدف الدولة ومؤسساتها بشكل مباشر؟ كيف يمكن للدولة ومؤسساتها أن تنجو من تغول هذه التنظيمات؟الشرق الأوسط- منطقة الروايات الجيوسياسية المعقدة- يشهد تحولا كبيرا في ديناميات القوة. فقد أصبح ظهور الجهات الفاعلة "اللادولتية" وتعزيز قوتها سمة مميزة للمشهد السياسي في المنطقة، وربما السمة الأميز مؤخرا. لنلق نظرة على الأحداث التالية في أكتوبر/تشرين الأول: هجوم "حزب العمال الكردستاني" في وسط أنقرة، هجوم على الكلية الحربية في حمص ربما كان واحدا من أقسى الهجمات التي تعرض لها الجيش السوري في تاريخه، اتهم "الحزب التركستاني الإسلامي" بالوقوف خلفه. ليس من الضروري أن تكون هذه الأحداث مترابطة أو مرتبطة بفاعل واحد، ربما حدثت بشكل متزامن بمحض الصدفة، لكن هذا التزامن يشير إلى أن هذه التنظيمات تتعلم من بعضها البعض، وبشكل جعلها قادرة على توجيه ضربات موجعة لدول المنطقة.
مضى أكثر من أربعة أشهر على اندلاع الصراع بين إسرائيل و"حماس…