تحول المعرض الدولي للزراعة في باريس الأسبوع الماضي إلى ساحة صراع سياسي واقتصادي فرنسي داخلي، امتد إلى منتجين أوروبيين مناهضين لتحرير أسواق المواد الغذائية، خصوصا تلك المستوردة من دول الجوار القريبة في شمال أفريقيا، وفي مقدمها المغرب. ووجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه في عين العاصفة وهو يفتتح فاعليات المعرض الزراعي، مما استدعى الاستنجاد بقوى الأمن الشخصي للرئيس، لفتح ممر لخروجه من المعرض وسط هتافات الغاضبين وصفيرهم.
يبدو أن ثورة المزارعين الأوروبيين في مراحلها الأولى ولا أحد قادر على إنهائها أو منع اتساعها وتقدير خسائرها، في وقت تعيش أوروبا حالا من الاحتقان الداخلي والقلق والوضع الدولي السيئ، مما حوّل الاتحاد الأوروبي رجلا مريضا في النظام العالمي الجديد.
تعاون على الورق وتخريب على الأرض
عندما كان وزير الزراعة والصيد البحري المغربي محمد الصديقي يوقع في باريس مع نظيره الفرنسي مارك فيسنو إتفاقات للتعاون التقني في مجال البحوث الزراعية والأسمدة الجمعة الماضي، كانت الشاحنات الآتية من المغرب تتعرض لتخريب حمولاتها من الفواكه والخضر في عدد من الطرق الأوروبية، كجزء من حرب تجارية قررت نقابات المزارعين شنها ضد واردات غذائية من وراء البحار، تعتقد أنها تخفض الأسعار وتزيد في بؤس المزارعين المحليين. وهي السردية التي تحاول الأحزاب الشعبوية المتطرفة تمريرها لكسب تأييد المزارعين في الانتخابات الأوروبية الصيف المقبل.