طوال خمسة أشهر من الحرب في قطاع عزة لم تتحول المواجهات بين "حزب الله" وإسرائيل على الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى حرب واسعة، فهل هذا كاف للقول إن هذه المواجهات ستبقى في المرحلة المقبلة كما كانت منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول، متحركة ضمن ضوابط، أي تحت سقف الحرب؟
في الواقع، ما زالت الأرجحية الغالبة لعدم تحول المواجهات بين الجانبين إلى حرب واسعة، رغم تصاعد وتيرتها خلال الأسبوعين الماضيين. وهذا لا يعني استبعاد فرضية تدحرج الجبهة إلى حرب شاملة، لكن ذلك إذا حصل فسيكون نتيجة "خطأ" من أحد طرفيها، وما عدا ذلك فهي ستستمر متفاوتة التصعيد على وقع التهويل المتبادل ورفع السقوف بانتظار لحظة المفاوضات غير المباشرة بين الحزب وإسرائيل برعاية أميركية للتوصل إلى ترتيب جديد بين الطرفين لن يختلف بخطوطه الأمنية العريضة عما كان قبل الثامن من أكتوبر.
لكن وإن وقع "خطأ" من هذا النوع وأدى إلى توسع العمليات القتالية على طرفي الحدود، فإن ذلك لن يتطور إلى حرب مفتوحة كما يحصل في قطاع غزة منذ خمسة أشهر، لأن أهداف طرفي المواجهة ضد بعضهما البعض لا تشبه أهداف كل من "حماس" وإسرائيل ضد بعضهما البعض. وللتحديد أكثر، فإن إسرائيل لا تضع نصب أعينها، أقله في الوقت الراهن، القضاء على "حزب الله"، كما هي الحال مع "حماس". بغض النظر عن قدرتها على تحقيق ذلك، وإن كانت بلا أدنى شك قادرة على توجيه ضربات قوية وقاسمة إلى خصومها بفعل تفوقها العسكري والتكنولوجي والدعم الأميركي المقدم لها، في ظل عدم وجود طرف دولي مناوئ لأميركا قادر على موازنة قوتها في المنطقة، رغم كل الكلام عن تقدم روسيا والصين في الشرق الأوسط.