"إن طبيعة الشعب العربي، وما يتصف به من عدم المحافظة على السرية، وعدم الاحتفاظ بما يصله من معلومات تحتم علينا التحفظ في تداول المعلومات الحقيقية التي تمس الخطط الاستراتيجية حتى لا تُسرب للعدو عن طريق تناولها على ألسنة الأفراد، ولو من دون قصد سيئ. هذا ويمكن الاستفادة من تلك الطبيعة نفسها في سرعة نشر المعلومات".
هذا ما كتبه مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا إلى القيادة المصرية أثناء التحضيرات لحرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973، رابعة الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب فلسطين الأولى عام 1948، وحرب السويس عام 1956، وحرب يونيو/حزيران 1967.
يوم السبت الماضي، أفرجت وزارة الدفاع المصرية عن هذا التقرير المصنف "سري جدا"، ضمن مئات الوثائق والمراسلات التي نُشرت على موقعها الإلكتروني في الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر. تمكن المصريون والسوريون يومها من كتم سرهم، ليفاجئوا بهجومهم المباغت إسرائيل في يوم الغفران (يوم كيبور). كل الوثائق المفرج عنها جاءت باللغة العربية دون ترجمة، لا إلى العبرية ولا إلى الإنجليزية، واللافت أن غالبيتها مكتوب بخط يد مقروء وجميل للغاية، وأن القادة العسكريين المصريين قلما اعتمدوا الآلة الكاتبة في تقاريرهم. استغرب كثيرون تاريخ النشر، وربط بعضهم بينه وبين الحرب الدائرة في قطاع غزة، علما أن وزارة الدفاع المصرية كانت قد شكلت لجنة مختصة لمراجعة هذه الوثائق قبل أشهر من الأحداث الأخيرة، ونشر ما تراه منها مناسبا، كون القانون المصري يُجيز رفع السرية عنها بعد مضي خمسين سنة. وقد قُتل في هذه الحرب 5000 جندي مصري، وما بين 3000-3500 جندي سوري، وقُتل ثلاثة آلاف جندي إسرائيلي.