متطوعة ترفع لافتة تدعو الناخبين المشاركين في الانتخابات الأولية للحزب الديمقراطي الى عدم التصويت للرئيس جو بايدن أمام مدرسة في مدينة ديربورن في ولاية ميتشغن في 27 فبراير
حقق الرئيس الأميركي جو بايدن فوزا سهلا ومتوقعا في الانتخابات التمهيدية لولاية ميتشغان، ويبدو مؤكدا أنه سيكون مرشح حزبه للانتخابات الرئاسية. فضلا عن التأييد الواسع له نسبيا في صفوف "الحزب الديمقراطي"، يتمتع بايدن، كرئيس، بقوة التقليد الراسخ: لم يسبق لرئيس أميركي أن فشل في الحصول على ترشيح حزبه لخوض الانتخابات الرئاسية لفترة ثانية في البيت الأبيض.
لكن ثمة مصاعب محتملة تلوح في درب الرجل نحو البيت الأبيض إذا قرر العرب والمسلمون في هذه الولاية، المعروفون بتأييدهم للحزب الديمقراطي، عدم التصويت له في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبلة، احتجاجا على دعم إدارة بايدن لإسرائيل في حرب غزة ورفضها تخفيض هذا الدعم والمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار، بدلا من الهُدَن المؤقتة التي تسعى لها الإدارة، حيث يشعر العرب الأميركيون في الولاية بالغضب نحو رئيس ديمقراطي دعموه بقوة ضد خصمه الجمهوري في الانتخابات الرئاسية السابقة.
في هذا الصدد، قال عمدة مدينة ديربورن، عبدالله حمود، المنتمي نفسه للحزب الديمقراطي: "في الانتخابات الفيدرالية الثلاثة الماضية، أصبح المصوتون العرب الأميركيون في ميتشغان كتلة تصويتية مهمة وجديرة بالاعتماد عليها لصالح "الحزب الديمقراطي" وكنا جزءا من الموجة التي منحت الفوز لبايدن قبل أربع سنوات. لكن يبدو أن هذه الحقيقة قد نساها مرشحنا منذ زمن طويل فيما هو يطلب أصواتنا من جديد، في الوقت نفسه الذي يبيع لجيش بنيامين نتنياهو القنابل التي تسقط على رؤوس عوائلنا وأصدقائنا".
في انتخابات 2020، استطاع بايدن أن يهزم ترمب في ولاية ميتشغان بفارق 155 ألف صوت
تُعبر كلمات حمود، الفاعل في حملة نظمها العرب الأميركيون بالتعاون مع منظمات يسارية في الولاية باسم "استمع إلى ميتشغان" لعدم التصويت لبايدن واختيار تصويت "غير ملتزم" في الانتخابات التمهيدية، تعبر عن إحساس عام بالخذلان والمرارة من إدارة بايدن بين العرب الأميركيين ليس في داخل ميتشغان فقط، بل أيضا في ولايات أخرى مثل نيويورك وكاليفورنيا وإلينوي، حيث التجمعات العربية الكبرى. لكن فقط في ميتشغان يستطيع العرب الأميركيون أن يؤثروا في نتائج الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، وربما يحرمون بايدن من فترة رئاسية ثانية إذا قرروا عدم التصويت له في تلك الانتخابات، كما تسعى حملة "استمع إلى ميتشغان".
وحسب الأرقام الأولية استطاعت هذه الحملة أن تتجاوز عتبة الـ100 ألف، 13 في المئة من مجموع الذين صوتوا في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في الولاية. تشير هذه الأرقام إلى نجاح أولي لحملة يمكن أن تتسع على مدى الأشهر المقبلة. يكمن مصدر التأثير الانتخابي للعرب الأميركيين في حقيقة أن ميتشغان تُعد من الولايات المتأرجحة، أي غير المحسومة لأي من الحزبين الكبيرين، الديمقراطي والجمهوري.
في انتخابات عام 2016 الرئاسية، فاز ترمب بالولاية بفارق ضئيل جدا، 10704 أصوات عن منافسته هيلاري كلينتون ليحصل على جميع مقاعد الولاية الـ16 في المجمع الانتخابي التي تحدد من الفائز في السباق الرئاسي بغض النظر عن نتيجة التصويت الشعبي.
وفي انتخابات 2020، وفي إطار الاستنفار الانتخابي الواسع الذي نظمه "الحزب الديمقراطي" في الولاية وكان العرب الأميركيون جزءا مهما منه، استطاع بايدن أن يهزم ترمب في الولاية بفارق 155 ألف صوت، وهو هامش فوز يبقى ضئيلا في ولاية يصوت فيها نحو ستة ملايين شخص.
القلق من خسارة ميتشغان بسبب مقاطعة عربية محتملة يساور حملة بايدن الانتخابية
وحسب إحصائيات عام 2020، يشكل السكان الذين تعود جذورهم إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 310 آلاف، أي بحدود 3.1 في المئة من مجموع سكان الولاية. يعني هذا أنه في حال تنظيم العرب الأميركيين مقاطعة كبيرة للانتخابات في نوفمبر، فيمكن لهم أن يتسببوا في خسارة بايدن للولاية في سباق رئاسي يُعتقد أنه سيكون شديد الندية وتحسم نتيجته الولايات المتأرجحة، كما في عام 2016.
القلق من خسارة ميتشغان بسبب مقاطعة عربية محتملة يساور حملة بايدن الانتخابية، ما دفع البيت الأبيض، قبل الانتخابات التمهيدية في الولاية، إلى إرسال مبعوثين إلى ميتشغان اجتمعوا بالزعامات العربية في الولاية، بينهم حمود، لشرح جهود الإدارة لإيقاف حرب غزة وردع إسرائيل وبالتالي إقناعهم بالتصويت لبايدن، لكن يبدو أن هذه الاجتماعات لم تفضِ إلى نتيجة. أيضا، لم يكن مؤثرا إعلان البيت الأبيض قبيل إجراء هذه الانتخابات أنه يعمل بقوة للحصول على وقف إطلاق للنار في شهر رمضان، وهو الإعلان الذي فُسِر توقيته في سياق رغبة الإدارة ببعث رسالة إيجابية للعرب الأميركيين.
يتمتع بايدن بهامش معقول نسبيا للمناورة، فأمامه أشهر قليلة لإنهاء الحرب في غزة ومن ثم الشروع على نحو جدي في ترتيبات "اليوم التالي" السياسية والأمنية والمتعلقة بإعادة الإعمار في غزة. سينهي هذا على الأكثر جهود المقاطعة العربية في ميتشغان، لكن بشرط أن لا ينتظر الرجل طويلا حتى انعقاد المؤتمر العام للحزب الديمقراطي في أغسطس/آب المقبل، المخطط إقامته في شيكاغو، لإعلان الترشيح الرسمي لبايدن ودعم الحزب له في الحملة الانتخابية الرئاسية. حينها ستكون المشاعر قد تصلبت والقرارات قد ترسخت بين العرب الأميركيين ضد بايدن.