ما إن تمشي في محور "فيلادلفي" المحاذي للحدود المصرية، أقصى جنوب غربي مدينة رفح الفلسطينية، يواجهك تكدس خيام النازحين على يمين ويسار شارع إسفلتي ضيق وممتد حتى أقصى جنوب شرقي رفح.
لجأ النازحون قسرا لإقامة الخيام في تلك المنطقة الحدودية، والتي كانت سابقا عبارة عن منطقة صحراوية مقابلة للبحر المتوسط، بعدما لم يجدوا لهم متسعا من المساحة في مختلف المناطق التي طالبهم الجيش الإسرائيلي بالنزوح إليها وإخلاء مناطق سكناهم من مختلف مناطق قطاع غزة.
الشريط الصحراوي الملاصق للحدود مع مصر كان يعتبر سابقا منطقة أمنية يُمنع الوصول إليها، إلا أنه ومع شن إسرائيل حربها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 عقب هجمات "حماس"، اضطر عناصر الفصائل الفلسطينية لإخلاء المنطقة، ما سمح للنازحين بالوصول إليها وإقامة خيامهم وإحاطتها بسياج أو أسلاك شائكة.
يقول علاء أبو جلال (37 عاما- من سكان شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة)، إنه اضطر للنزوح من منزله برفقة عائلته وأشقائه بداية الحرب، كون منزلهم يقع في منطقة حدودية طالها قصف قذائف الدبابات منذ اليوم الأول للحرب، ونزح إلى مخيم المغازي ثم مخيم النصيرات في المنطقة الغربية لدى أقاربه، إلا أن نزوحهم هناك لم يستمر طويلا بسبب قصف منزل مجاور ومقتل بعض الأقارب والجيران، "ولادنا خافوا واحنا خفنا، وكأن الموت كان بيلاحقنا واحنا بنتنقل من منطقة لمنطقة" بحسب وصفه.
تضررت سيارته الخاصة بسبب القصف، لكنّ محركها ما زال يعمل، صعد مع عائلته وعائلة شقيقه: "كنا تقريبا 35 شخصا في السيارة أغلبهم أطفال، مش عارف كيف استوعبتنا السيارة"، وانطلق بهم على شارع البحر باتجاه الجنوب وصولا إلى أقصى نقطة يمكن الوصول إليها بجوار الحدود المصرية. ويضيف أبو جلال: "كان على جانبي الطريق زحمة خيام، ما في وسع، الواحد يعمل خيمة إضافية، مشيت بالسيارة لحد ما لقيت منطقة شبه فاضية وأقمنا خيمتنا".