عندما أصبح الوصول إلى الإنترنت متاحاً للمرة الأولى في أنحاء العالم كله، كان المتفائلون يأملون في أن تتمكّن الشبكة من كسر قدرة الأنظمة الاستبدادية على التحكم بالمعلومات. وتوقّع أصحاب هذا التفكير أن تعجز الديكتاتوريات عن صد ثورة المعلومات التي أتاحتها الطبيعة اللامركزية للإنترنت. وعام 2000، قارن الرئيس الأميركي بيل كلينتون محاولات الصين السيطرة على الفضاء السيبراني بـ"محاولة تثبيت جيلو على الحائط".
مع ذلك، لم يفكّر القادة الصينيون بالطريقة نفسها. على الرغم من افتقارهم إلى خطة شاملة في البداية، طوّروا تكتيكات على مدى عقود ثبّتت "الجيلو" المجازي في "جدار الحماية العظيم" الذي بنته الصين. ويُعَدّ نهج بكين لترويض ثورة المعلومات فريداً من نوعه: لقد ركّز على التحكّم في الوصول إلى الإنترنت، وليس فقط فرض الرقابة على محتواها. تعطي السلطات الصينية الأولوية إلى معرفة "من" يتصلون بالإنترنت – وهذا يسمح لها بتحديد أولئك الذين يشكلون تهديداً محتملاً، ومتابعتهم وترهيبهم ومعاقبتهم.
هذا المفهوم – الذي تسميه الدولة الصينية "السيطرة على ساحة المعركة" – يدعم أحد تكتيكات المراقبة الأكثر استخداماً في بكين سواء عبر الإنترنت أو على أرض الواقع. بالنسبة إلى "الحزب الشيوعي الصيني"، الذي يرى في قمع أي تهديدات لسلطته مسألة من مسائل الحياة أو الموت، يُعَدّ الفضاء السيبراني ساحة معركة جديدة. لا يعتمد "الحزب الشيوعي الصيني" على التكنولوجيا للسيطرة عليه فقط. هو يستخدم أيضاً التكنولوجيا لمعرفة أين ومتى تُنشَر قوة بشرية إضافية في جبهات حربه الهادفة إلى السيطرة العامة، سواء كانت هذه الجبهات محطات للقطارات أو مراكز للتسوق أو فنادق أو جامعات.