لماذا تراجع نجاد عن وعوده بإتمام صفقة تخصيب اليورانيوم في الخرج؟ المؤلف :راي تاكية الناشر :مجلس العلاقات الخارجية 21 ديسمبر /كانون أول 2009

لماذا تراجع نجاد عن وعوده بإتمام صفقة تخصيب اليورانيوم في الخرج؟
المؤلف :راي تاكية
الناشر :مجلس العلاقات الخارجية
21 ديسمبر /كانون أول 2009

[escenic_image id="5513449"]

يلقي مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية الضوء على واحدة من أكثر القضايا التي واجهها العالم خلال عام 2009. من خلال التقرير الذي أعده عن التفسيرات المحتملة التي تقف وراء فشل الصفقة النووية بين إيران والغرب .

أكد التقرير أنه في البداية فسر الكثيرون موافقة إيران على إرسال أغلب اليورانيوم منخفض التخصيب إلى الخارج من أجل إعادة معالجته بأنه إنجاز بالنسبة للعلاقات الإيرانية الأمريكية، حيث تم تفسير هذه الصفقة بأنها دليل على أن دعوة أوباما للتقارب كانت فعالة والأهم من ذلك أنها اعتبرت بمثابة فرصة لكسب الوقت لإقناع طهران بالعدول عن برنامجها النووي. ولكن لم تستمر الصفقة ولم يمض وقت طويل حتى تراجع الإيرانيون عن وعودهم؛ وهو قرار أعزاه الكثيرون إلى الاضطراب الداخلي الذي هيمن على السياسة الإيرانية منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة المثيرة للجدل.

تقرير مجلس العلاقات الخارجية شدد على العلاقة الديناميكية بين سياسة إيران الخارجية والصراع الداخلي بين النظام والمعارضة. وسلط التقرير الضوء على الطريقة المثيرة للجدل التي أُجريت بها الانتخابات، وكذلك الشعور العام بعدم شرعية الرئيس الحالي،مؤكدًا أن كل هذا كان له تأثيرسلبي على نجاح الصفقة. ويوضح راي تاكية، المسئول عن التقرير، أنه بعد هذه الانتخابات أجريا الحرس الثوري وجهاز المخابرات تغييرًا كبيرًا تضمن تعديل الهيكل التنظيمي للقيادة وتوسيع نطاق عمل جهاز المخابرات الإيراني بهدف كبح جماح المعارضة. "ومن بين هذه الإجراءات، تم تشكيل لجنة جديدة تهدف على ما يبدو إلى التعريف بشئون الأمن القومي، واهتمت هذه اللجنة اهتمامًا كبيرًا بصفقة اليورانيوم منخفض التخصيب وتمردت على الاتفاق الذي اعتبرته معوقًا لطموحات إيران النووية. ومن خلال هذه الأحداث، يتوصل تاكية إلى أن المعارضة داخل النظام نفسه وليس اعتراضات الشخصيات الأخرى مثل لاريجاني ورافسنجاني هي المسئولة عن فشل تلك الصفقة.

تقدمة تاكية للأحداث التي تأزمت بسببها الصفقة تطرح المزيد من المشكلات، وليس مجرد تأثير سياسة طهران الداخلية على تطور سياستها الخارجية. وإضافة إلى ذلك، فإن هذه المقدمة توضح المشكلات التي تنشأ فيما يتعلق بصياغة السياسة الخارجية عند التعامل مع الأنظمة التي تعاني انقسامًا وحالة من عدم الاستقرار. بعبارة أخرى فإن النموذج الإيراني يوضح تأثير الانقسام الداخلي على نجاح أي دولة في إقامة علاقة ثابتة وقوية مع العالم الخارجي. وكما يشير تاكية، في واحدة من أكبر مفارقات العلاقات الدولية،إلى أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، كان على ما يبدو، هو من يدعم صفقة تخصيب اليورانيوم بالخارج. ومع ذلك، لكنه نتيجة للضغوط التي يواجهها على المستوى المحلي، تخلى عن وعوده لتحقيق مصالحه. وفي حين أن هذا يسهل الكثير من الأمور على النظام داخليًا، فإنه كانت له انعكاسات سلبية زادت من تعقيد علاقة طهران بالغرب.

ومما لا شك فيه أن عجز إيران عن إقامة علاقة جيدة مع الغرب يضع العراقيل أمام محاولات أوباما التقارب من طهران. فاليد التي مدها أوباما لإيران أصبحت الآن محل شك، حيث بات واضحًا أن الحكومة الإيرانية تعطي وعودًا جوفاء. ومع ذلك يرى تاكية أن هذا لا يتضمن نهاية للصفقة. فبالرغم من أن التفاوض مع إيران دائمًا ما يكون صعبًا، فإن الباب لا يزال مفتوحًا، فمن الممكن تمامًا أن يتم إحياء عرض تصدير اليورانيوم منخفض التخصيب، ليس بمواصفات صفقة 1 أكتوبر / تشرين الأول التي دعت إلى شحن 1200 كجم إلى الخارج، ولكن يمكن أن يتم تقسيم هذا المقدار على ثلاث مراحل.

ومع ذلك، هناك افتراض ضمني في تقييم تاكية وهو أن الصفقة النووية أمر لا غنى عنه بالنسبة للبلدين لتحسين علاقاتهما. لكنه كما يشير حوار أجرته" المجلة" أخيرًا مع السفير تشاس فريمان، هناك قضايا أخرى تقف في طريق التقارب بين البلدين. وتقييم احتمالات إقامة علاقة خارج الصفقة النووية، ثم الانتقال إلى الصفقة النووية بمجرد أن يتم بناء المزيد من الثقة بمثابة رؤية جيدة لتحقيق التقارب المنشود.

وعلاوة على ذلك، لاحظ تاكية أن إعادة هيكلة الحرس الثوري وجهاز المخابرات في إيران عزز من الاعتقاد بتآمر الغرب مع جماعات المجتمع المدني الداخلية؛ التي اتحدت معًا بهدف الإطاحة بالجمهورية الإسلامية.

يقول تاكية: "برنامج الأسلحة النووية مصمم بدافع الخوف من التهديدات الخارجية. فإذا لم تكن تخشى هذا، فإن استخدام الأسلحة النووية سيتلاشى". وبالرغم من أنه في بعض الأحيان تكون الاستفادة من برنامج الأسلحة النووية مشتقة من وظيفته كرادعٍ، فإن النظر إليه بهذا المنظور يعد قاصرًا تمامًا.

ويؤكد التقرير أن الأسلحة النووية ليست مجرد أسلحة، وإنما تقترن بنادي الصفوة من الدول القوية. والتشكيك في المنفعة التي يمكن أن تجنيها حكومة تعاني انقسامًا داخليًا كبيرًا من المكانة التي ترتبط بحصولها على السلاح النووي يُظهر فهمًا محدودًا للطريقة التي يحاول من خلالها النظام تحقيق التوازن في علاقته مع المعارضة الداخلية من خلال صياغة سياسته الخارجية بناءً عليها. وعلاوة على ذلك، فإنه نظرًا لأن الجمهورية الإسلامية نشأت على أساس فكرة الثورة ومعاداة الأمركة، يتضح جليًا أسباب اهتمام النظام الحالي بأن يُنظر إليه داخليًا باعتباره متمردًا على الاتجاهات الغربية. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يقلل امتلاك السلاح النووي من انقسام النظام ومن ثم يثبط المعارضة. 

وفي حين يتناول مقال تاكية تفصيلات مهمة تتعلق بإمكانية إبرام صفقة إيرانية مع الغرب، وأيضًا تأثير السياسة الداخلية على سياسة طهران الخارجية، فإن ثمة نقاط ضعف في هذا التقرير. فبالرغم من كونه ثريًا بالمعلومات، فإنه كان يمكن أن يكون أكثر إفادة لو تضمن  تحليلًا أوسع نطاقًا للكيفية التي يغير بها النجاح في الحصول على سلاح نووي من الحراك الداخلي بين النظام والمعارضة في إيران

font change