"رأس الحكمة" اجتذاب 35 مليار دولار إلى شواطئ مصرhttps://www.majalla.com/node/311546/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84/%D8%B1%D8%A3%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D8%B0%D8%A7%D8%A8-35-%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B4%D9%88%D8%A7%D8%B7%D8%A6-%D9%85%D8%B5%D8%B1
منذ طرح مشروع رأس الحكمة الواقع في المنطقة الساحلية في الشمال الغربي لمصر والقريب من مدينة العلمين، ترافق ذلك مع الحديث عن ضخ مليارات الدولارات في أضخم مشروع استثماري سياحي تشهده البلاد، وتاليا ربط الأمر كمخرج لمصر من أزمة استحقاقات الديون التي تتخبط بها، وشح الدولار، وارتفاع سعره في السوق الموازية الى مستويات غير مسبوقة، وما نجم عن ذلك من تضخم واضطراب في الأسواق. علما أنها ليست المرة الأولى التي تطرح فيها فكرة استثمار أصول الدولة المصرية والدخول في شراكات عربية وأجنبية.
وشهد الشارع المصري أخيرا الكثير من الجدال والتجاذبات والتشكيك في ما يطبخ في الغرف المغلقة للحكومة، وتخوف البعض من طرح مناطق ومشاريع للبيع أو للاستثمار، على الرغم من أن الاستثمارات الأجنبية عنصر مهم لجذب السياحة وتحقيق عوائد بمليارات الدولارات. كل ذلك على إيقاع حرب الإبادة في غزة، وعسكرة البحر الأحمر وانعكاسات ذلك على واردات قناة السويس.
في الاسبوع الماضي حسمت الحكومة أمرها بابرام اتفاق شراكة استثمارية ضخمة مع دولة الإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة غربي الإسكندرية، في واحدة من أكبر الصفقات التي تساهم في تعزيز السيولة بالدولار في البلاد وتخفف من حدة أزمتها الاقتصادية.
يعد المشروع أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ البلاد، و سيدر على مصر استثمارات تقدر بـ150 مليار دولار سيضخها الجانب الإماراتي على مدار عمر المشروع
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي
يعد المشروع أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ البلاد، وسيدر على مصر استثمارات تقدر بـ150 مليار دولار سيضخها الجانب الإماراتي على مدار عمر المشروع وفقاً لرئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي.
تتضمن الصفقة ضخ الجانب الإماراتي استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 35 مليار دولار خلال شهرين، على أن يكون لمصر 35 في المئة من أرباح المشروع على مدار عمره.
وكان البعض يشكك في نية حكومية لبيع تلك المنطقة المميزة التي كانت تضم قصراً للملك فاروق الأول يتخذ منه استراحة، وتحول عقب ذلك إلى استراحة رئاسية.
واعتبرت بعض الآراء أن هذا المشروع يمثل بيعاً للأراضي المصرية لصالح مستثمر أجنبي يقوم بالشراء بالوكالة نيابة عن دولة معينة. على الرغم من أن هذه المزاعم لا تمت إلى الحقيقة بصلة، إلا أن الاستثمارات السياحية والسكنية على طول البحر الأحمر، سواء في سيناء أو في مدن مثل شرم الشيخ ودهب والغردقة والجونة، أو حتى على الساحل الشمالي، وفي قلب القاهرة وغيرها، تُعتبَر في غالبيتها ملكاً للقطاع الخاص، وتمثل نسبة كبيرة منها استثمارات أجنبية وعربية.
وأشار البعض إلى وجود صفقات ضخمة تمت في الساحل الشمالي في السابق، تقترب في قيمتها من الصفقة الحالية المتعلقة بأرض رأس الحكمة.
التنازل عن وديعة إماراتية بـ11 مليار دولار
ورأى اقتصاديون أن مشروع رأس الحكمة مهم لاستعادة النشاط الاقتصادي في مصر بعد الأزمة المتفاقمة منذ عام 2022، ويعتبرونه فرصة لجذب الاستثمارات وتحسين الوضع الاقتصادي. وينتظر الشارع المصري توقيع العقود النهائية وتفاصيل الاتفاق لتقييم أثره الحقيقي في الاقتصاد المصري على المديين القصير والبعيد.
يتضمن اتفاق رأس الحكمة تنازل الإمارات عن وديعة قيمتها 11 مليار دولار في البنك المركزي المصري، على أن تحول إلى الجنيه وتستخدم في تمويل المشروع، وتسقط من بند الديون الخارجية
يذكر أن اتفاق تطوير مدينة رأس الحكمة يتضمن تنازل الإمارات عن وديعة بقيمة 11 مليار دولار في البنك المركزي المصري، على أن يتم تحويلها إلى الجنيه واستخدامها في تمويل المشروع، وهو ما يعني إسقاطها من بند الديون الخارجية على مصر.
وكشفت الحكومة، بعد توقيع اتفاق الشراكة بين مصر والإمارات، أن المشروع سيكون بالمشاركة بين هيئة المجتمعات العمرانية المصرية وشركة أبوظبي التنموية القابضة (ADQ)، التي ستضخ 24 مليار دولار سيولة أجنبية في اقتصاد البلاد خلال شهرين، وستستحوذ على حقوق تطوير مشروع مدينة رأس الحكمة، ليصبح واحدا من أكبر مشاريع المدن الجديدة.
وأوضح رئيس الوزراء المصري أن الإمارات "ستضخ 15 مليار دولار مباشرة"، 5 مليارات دولار منها هي جزء من الوديعة الإماراتية لدى البنك المركزي المصري، أما الدفعة الثانية من التدفقات الاستثمارية سيتم ضخها بعد شهرين "وتبلغ 20 مليار دولار من بينها 6 مليارات هي بقية وديعة الإمارات لدى البنك المركزي."
مواصفات "رأس الحكمة"
وتمتد منطقة رأس الحكمة على مساحة تزيد على 170 مليون متر مربع، وهي بمثابة مدينة من الجيل الثالث تتألف بشكل رئيس من المرافق السياحية ومنطقة حرة ومنطقة استثمارية، إلى جانب توفر المساحات السكنية والتجارية والترفيهية، إضافة إلى سهولة الاتصال المحلي والدولي من المنطقة.
يتمتع خليج رأس الحكمة بلقب أحد أجمل ثلاثة شواطئ على مستوى العالم. يمتد الخليج على طول 50 كيلومتراً من ضمن الشريط الساحلي الذي يقع بين مدينتي الضبعة ومرسى مطروح. هذه المنطقة تجمع بين الرمال الناعمة ذات اللون الأصفر والمياه الفيروزية الجميلة. وتتميز بكونها منطقة خليج بحري، ما يعني أن الشكل المنحني للخليج يعمل كحاجز طبيعي للأمواج، ما يجعل الشواطئ هادئة وآمنة للسياحة.
وتُعتبَر هذه المنطقة واعدة لمستقبل الاستثمار السياحي في مصر، إذ تتوافد إليها رؤوس الأموال المباشرة بملايين الدولارات لتطوير منتجعات سياحية بمعايير عالمية. وكانت الدولة إنتهت من مخطط تنمية المدينة بالتعاون مع جهات عالمية ذات خبرة وقدرة تمويلية كبيرة، وفق ما رشح رسمياً عن المشروع.
يُعتبر المشروع جزءاً من مخطط تنمية مصر 2052، الذي يهدف إلى جعل مدينة رأس الحكمة واحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم خلال خمس سنوات
يُعتبر مشروع رأس الحكمة جزءاً من "مخطط تنمية مصر 2052"، الذي يهدف إلى جعل مدينة رأس الحكمة واحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم خلال خمس سنوات.
تهدف الحكومة إلى تنفيذ نشاطات اقتصادية مستدامة وذكية في مشروع رأس الحكمة بهدف توفير فرص العمل، وإنشاء مدن جديدة مستدامة وذكية من الجيلين الثالت والرابع. تتمثل هذه المدن في القدرة على جذب ملايين السكان من خلال استغلال أنشطة السياحة، والخدمات الترفيهية، والصناعات التكنولوجية المتقدمة، والمقاصد التجارية، ومراكز الإدارة للشركات العالمية، وذلك مع توفير خدمات تعليمية وصحية متميزة.
قبل 20 سنة، قدمت الحكومة المصرية مشروعاً ضخماً لإنشاء منطقة بورت غالب في مدينة مرسى علم من ضمن جهود لتعزيز الاستثمار. ووفرت "مجموعة الخرافي" الكويتية تمويلاً بمليارات الدولارات، واستفادت من التسهيلات الحكومية لإقامة هذا المشروع الذي أصبح مركز جذب للسياح من أنحاء العالم كله. وصُمِّمت المدينة كمركز متكامل يوفر كل الخدمات والمرافق في شكل ذاتي، مع توفير الطاقة والمياه والخدمات الأساسية كلها. وأُنشئ مطار خاص بنظام البناء والتشغيل والتحويل (BOT). ويغطي المشروع مساحة إجمالية تبلغ 30 مليون متر مربع، ويشمل قرى سياحية ترتبط يرتبط بعضها ببعض، ومجمعاً سياحياً للفنادق، ويُعَد أكبر تجمع فندقي في البحر الأحمر.
عام 2015، قدمت الحكومة المصرية مشروع العاصمة الإدارية، الذي يغطي مساحة تصل إلى 708 ملايين متر مربع، بهدف تخفيف الزحام والتلوث في العاصمة القديمة القاهرة. وجاءت شركة "إعمار العقارية" الإماراتية لتنفيذ المشروع، لكن الصفقة لم تكتمل بحلول عام 2016 بسبب عدم التوصل إلى اتفاق.
بعد توقيع اتفاقية تطوير #رأس_الحكمة بين #مصر و #الإمارات، رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور يجدد رغبته في الاستثمار بفندق "ريغال هايتس" بمدينة العلمين الجديدة في مصر، ويدعو للتراجع عن الأسعار "الخيالية" التي تم طلبها للبيع من قبل
بعد ذلك، تبنت الدولة المصرية تنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة واستطاعت أن تجذب مجموعة من الاستثمارات المحلية والأجنبية، وأصبحت هذه المدينة نموذجاً للمدن الذكية. وتمثل العاصمة الإدارية الجديدة جهود الدولة في التحول الرقمي في مصر، ومبادرة رائدة في تطوير المدن وتعزيز التنمية المستدامة.
نقطة انطلاق جديدة لتنمية حقيقية
تعمل الحكومة المصرية حاليا على طرح مشاريع متعددة لإنقاذ اقتصادها واستيعاب الصدمات، وتبذل مساعي حثيثة لوضع معدلات الدين الخارجي والداخلي في منحى تنازلي. تُساهم هذه المشاريع الاستثمارية الكُبرى في تحقيق مُستهدفات الدولة في التنمية، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل، وتشغيل الشركات المصرية، وانتعاش قطاع الصناعة. وعقب إبرام صفقة مشروع رأس الحكمة، انعكس ذلك إيجابا على الأوضاع المالية في مصر وساهم في خفض سعر الدولار في الأسواق الموازية.
وفي هذا السياق أكد الخبير المالي والاقتصادي رئيس "شركة ميريس للتصنيف الائتماني" عمرو حسانين لـ"المجلة"، "وجود خطة إنقاذ للاقتصاد المصري، لكنه أعتبر أن صفقة رأس الحكمة تمثل نقطة انطلاق لتنمية حقيقية شاملة، و"خطوة إيجابية للغاية وصفقة تُعتبَر ناجحة سيستفيد منها اقتصاد البلاد والعباد".