في بداية القرن العشرين، تمكن "فنان الشعب" سيد درويش من إحداث ثورة غير مسبوقة في عالم الموسيقى العربية، أفضت إلى إصابة الفلسفة العتيقة للطرب في مقتل، إذ سحبت البطولة المطلقة من المطرب أو صاحب التخت وجعلته مجرد عنصر في تشكيل الأغنية. برزت تاليا بطولات متجاورة تخص الجملة الموسيقية والتوزيع وحتى استخدام الكورال والمجاميع، ناهيك بتغيير جذري في شكل الأغنية حيث لا حدود للعب بالمذاهب والكوبليهات والمقامات بالطبع، لهذا تخلد اسم درويش مع رواد التجديد في العصر الحديث، على الرغم من حياته القصيرة.
كان درويش ممن تنطبق عليهم مقولة "لا يجود الزمان بمثله"، بيد أن ذلك الزمن لم يكن شحيحا في بعض فتراته، حيث ظهر عدد من نجوم الموسيقى، أحدثت موسيقاهم موجات ثورية متلاحقة وعابرة للزمن نفسه، لا يزال صداها يتردد إلى يومنا هذا، كما يتناقلها الملحنون بإعادات توزيع لا تنتهي. اثنان من أهم هذه الأسماء هما محمد فوزي (1918-1966) ومنير مراد (1922-1981).
ربما لم يلتقيا في عمل مشترك إلا أن ما جمع بينهما كان أكبر من أن يتحمله لحن أو فيلم أو استعراض، فمن المؤكد أن هناك أواصر أخرى تجمع بين صانعي البهجة الموسيقية المصرية.