الناقدة السعودية ميساء الخواجا، أستاذة النقد الأدبي في جامعة الملك سعود والحاصلة على دكتوراه الفلسفة في اللغة العربية وآدابها، وهي صاحبة العديد من الأبحاث والدراسات في النقد الأدبي ونقد الشعر مثل الرواية النسائية السعودية في ميزان النقد، تعدد أنماط الخطاب الثقافي، الذي استفاضت فيه أكثر في كتابها "الخطاب الروائي والأنساق الثقافية- المرأة الجسد التاريخ" الصادر عام 2021، وكذلك ظاهرة الغموض في الشعر الحديث. في حوار "المجلة" معها، تشرح أكثر عن كل ذلك، وعن انعكاس التغييرات في المملكة العربية السعودية على وضع المرأة الكاتبة خصوصا، وعن الشعر والقصيدة الحديثة.
- قلت إنك لا تحبذين تقسيم الأدب وفق جنس المبدع، لكن ألاَ يمكن اعتبار أن عدم القدرة على تلمس جنس النص من زاوية عدم تمثيل المرأة بما في الكفاية أدى إلى تبلور أدب نسائي؟
البحث في شعرية الأدب لا يرتبط – كما أرى – بجنس المبدع قدر ارتباطه بالتقنية والأدوات التي يستخدمها، وباستخدامه الخاص للغة. وهذا الأمر مهم في كيفية التعامل مع النص الأدبي وفهمه وتقييمه فنيا. ومن زاوية أخرى التفتت النسويات إلى أن تمثيل المرأة في الكتابة قد شابه الكثير من الظلم والإقصاء، سواء كانت المرأة محكيا عنها وممَثلة في النص شعريا أو سرديا، أو كانت هي من يمتلك زمام الحكي. ومن هنا جاءت الدعوة إلى أن تمثل المرأة ذاتها ووعيها عبر الكتابة، انطلاقا من أن من يملك اللغة والخطاب يمتلك السلطة بشكل أو بآخر. ويمكن القول إنه عند تشكيل الكاتبة لعالمها فإن خطابها سيحمل دلالات ثقافية ورؤى ضمنية يمكن أن تبني حوارية مع المجتمع والثقافة، ويمكنها في الوقت نفسه من ممارسة نوع من إعادة تشكيل الثقافة عبر كشف المكبوت وصور الهيمنة وخطابات العنف. لا يعني ذلك أن كل كتابة للمرأة هي كتابة وعي ومناوشة للخطاب المهيمن، وكتابة نسوية تتبنى قضايا النسوية ومنطلقاتها، فقد تكون كتابتها مجرد تكرار وتماه مع الخطاب المهيمن. ما يهم هنا هو اتقان الأدوات الفنية للعمل الأدبي وليس مجرد التركيز على موضوع التمرد أو غيره، فهي في حد ذاتها غير كافية لصناعة عمل أدبي مختلف، بل إن التركيز عليها قد يوقع الكاتبة في النمطية والتكرار. من المهم أن تمتلك الكاتبة صوتها، والإقصاء الواعي أو غير الواعي قد يدفع إلى تشكيل نمط معين من الخطاب، وقد يكون حافزا للكتابة، لكن لا يكفي الوقوف عند ذلك بل لا بد من امتلاك الكاتبة لتقنيات الكتابة، والقراءة الفنية للعمل ستنطلق من ذلك في الدرجة الأولى.