منذ دخول المحكمة الاتحادية العليا فيصلا في الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، بدأت تتكشف عورات التوافقات السياسية التي تحكم هذه العلاقة بين الطرفين، حتى باتت تعلو على النصوص الدستورية. ولطالما كانت حكومتا بغداد وإقليم كردستان والقوى السياسية التي تمثل الطرفين، لا تريد الاعتراف بأن حل المشاكل عن طريق الاتفاقات هو بمثابة مسكن الآلام لمريض مصاب بالسرطان. ولذلك تأتي قرارات المحكمة الاتحادية لتذكر الأطراف السياسية في بغداد وكردستان بأن اتفاقاتها تراكم الأزمات بدلا من حلها.
قرار المحكمة الاتحادية الأخير بشأن إلزام الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم بدفع رواتب موظفي إقليم كردستان، وإلزام حكومة الإقليم بتسليم جميع إيراداته النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية (خزينة الدولة)، حسم أهم ملفات التوتر بين الطرفين، ولطالما تم توظيفه لتوجيه الاتهام إلى حكومة بغداد بأن سياسة قطع الرواتب تهدف إلى "تجويع الإقليم". في حين كانت الحكومة الاتحادية دائما ما تربط ملف الرواتب بعدم تسليم الواردات النفطية إلى المؤسسات المالية الاتحادية. وبين هذا السجال وتبادل الاتهامات، كان الضحية هو مواطن إقليم كردستان الذي دفعه تأخير الرواتب إلى رفع الشكوى للمحكمة الاتحادية.