في رواية "الخريف يأتي مع صفاء"، يقدم الروائي أحمد حمد الملك، مشهدا سحريا بديعا لمحاولة انقلابية ناجحة، ويصور قائد الانقلاب – بطل الرواية – في مشهد فانتازي ساخر، وهو يقود دبابة بمفرده يتحرك بها متنقلا في شوارع المدينة إلى أن يصل إلى مبنى إذاعة أم درمان، ليقتحم أبوابها ويعلن انقلابه على الحكم من داخل أحد استديوهاتها، ويصير بعد ذلك الحاكم الأوحد للبلاد، وديكتاتورا يرهبه الجميع ويخشون حتى الاقتراب من ظله.
أرشيف مهدد
خلال الأسبوع الماضي نبّهت نقابة الصحفيين السودانيين، من خطورة المعارك التي تدور في محيط إذاعة أمدرمان، وأشارت إلى أن القتال العنيف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بات قريبا من مباني الإذاعة والتلفزيون، ومهددا - من ثم - لكل الأرشيف الإذاعي والتلفزيوني بالاحتراق والضياع، وحذرت النقابة في بيانها من "تدمير أو إتلاف أرشيف يقترب عمره من المئة عام".
ما الذي يحويه أرشيف الإذاعة؟ وما الذي يمثله بالنسبة إلى السودانيين؟ وهل يشكل بالفعل جزءا من الذاكرة الجمعية للشعب السوداني؟ أم أن الإذاعة نفسها لم تكن سوى إحدى وسائل الدولة السودانية في التهميش والإقصاء وإعلاء ثقافة واحدة على بقية الثقافات التي يعج بها بلد متنوع الثقافات مثل السودان؟