فيما يحيي السوريون الذكرى السنوية الأولى للزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في العام الماضي، تواجههم الآن أزمة كارثية أخرى، ولكنها تمر هذه المرة دون أن تحدث ضجة، فقد بدأ قرار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بتخفيض المساعدات الممنوحة إلى سوريا بشكل كبير في التأثير بشدة على سكان شمال شرقي البلاد، مما أدى إلى تعميق معاناتهم وتراكم بؤسهم.
وسيؤدي إنهاء المساعدات، الناتج عن القيود المالية، إلى قطع شريان حياة حيوي لـ5.5 مليون مستفيد كانوا يعتمدون بشكل كبير على توزيع المواد الغذائية الأساسية بداية عام 2023.
ومن المتوقع أن يتضاعف تأثير هذه التخفيضات بفعل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة وتصاعد معدلات الفقر، الناجمين عن 13 عاما من الصراع المستمر. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، يعيش حاليا 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، مع وجود 3.2 مليون شخص على شفا الجوع وسوء التغذية.
وستكون تداعيات التخفيضات التي ينفذها برنامج الأغذية العالمي (WFP) مأساوية بشكل خاص في شمال غربي سوريا، حيث ينتشر 1500 مخيم للنازحين. تشكل النساء والأطفال ما يقرب من 80 في المئة من المستفيدين في هذه المخيمات، مما يبرز الضعف الشديد لهذه الفئة السكانية في مواجهة الأزمة الإنسانية الوشيكة. وستؤدي هذه التخفيضات إلى تفاقم التحديات الإنسانية والمالية، وزيادة خطر المجاعة، ودفع المزيد من الناس إلى التفكير في مغادرة البلاد.
التخفيضات في ظل الاحتياجات الإنسانية المتزايدة
لم يكن قرار برنامج الأغذية العالمي بخفض المساعدات لسوريا بمثابة مفاجأة كاملة. فمع وصول الاحتياجات الإنسانية العالمية إلى مستويات غير مسبوقة، يتضاءل اهتمام العالم بسوريا وسط ازدياد نسبة الصراعات الأخرى، وإرهاق المانحين، وانخفاض ميزانيات الوكالات الإنسانية. وبالتالي، لم تحصل سوريا إلا على 1.8 مليار دولار من أصل 5.4 مليار دولار (33 في المئة) المطلوبة لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023 بحلول نهاية العام، وهو انخفاض كبير عن التمويل الذي تحقق في العام السابق والذي بلغ 52 في المئة.