في اللقاء التلفزيوني الذي أجراه الصحافي الأميركي المعروف تَاكر كارلسون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استهلَ كارلسون، منطقيا، اللقاءَ بسؤال يتعلق بالحدث الأهم والأكثر خطرا الذي جعل العلاقة بين روسيا وأميركا في أسوأ حال لها منذ نهاية الحرب الباردة وحوّل البلدين إلى خصمين: الحرب الروسية-الأوكرانية. كان رد بوتين على السؤال هو أنه إذا كان للقاء أن يصبح جديا فإنه ينبغي البدء في مكان آخر: التاريخ.
طلب بوتين من محدثه الأميركي أن يعطيه بين 30 ثانية إلى دقيقة للمرور على تاريخ بعض الأشياء. استغرق هذا المرور في حدود 25 دقيقة، بدءا من القرن التاسع وصولا إلى انهيار الاتحاد السوفياتي في القرن العشرين، وذلك في إطار تناول الرئيس الروسي لكيفية تشكل روسيا كدولة والتحديات التي واجهتها على مدى القرون.
في معظمها، كانت المقابلة التي استمرت أكثر من ساعتين تناولا رتيبا للتاريخ البعيد والقريب وصولا إلى أحداث ما عرف بثورة الميدان الأوكرانية في 2014 التي اعتبرتها روسيا انقلابا نظمته وكالة الاستخبارات الأميركية وما تلتها من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم واندلاع حرب الدونباس في أوكرانيا.
يُفترض أن هذا اللقاء كان يمثل فرصة لبوتين كي يخاطب الجمهور الأميركي مباشرة عبر صحافي أميركي معروف وله برنامج مُتَابع كثيرا في أميركا ومتعاطف مع روسيا في حربها ضد أوكرانيا، ومن ثم فإنه غير ساع لتشويه وجهة النظر الروسية، وهو الاتهام الروسي المعتاد للإعلام الأميركي على أنه جزء من جهد منهجي متعمد أميركي أوسع لتقويض الأمن القومي الروسي وتشويه صورة روسيا. بغض النظر عن دقة التناول التاريخي للأحداث في استعراض بوتين المكثف، كان لافتا أن الرجل اختار التاريخ زاوية للوصول للأميركيين ومحاولة التأثير عليهم.