عرض المخرج الأميركي الإسرائيلي غي بن هارون مسرحية "عوليس في غزة" لأول مرة في الولايات الأميركية المتحدة عام 2015، وهي مسرحية إسرائيلية نادرة (كتبها الراحل جلعاد إيفرون) تتناول وضعية الحصار المفروض على قطاع غزة لسنوات طويلة. يقول بن هارون عن هذا العرض: "عندما قدمت مسرحية عوليس بعد ثلاث سنوات في بوسطن، كنت أعلم أن المسرحية ستهز الجمهور. وأنا شخصيا تأثرت بالآراء والحقائق المعروضة، وهي تظهر اللامبالاة اليومية للإسرائيليين تجاه الحصار المفروض على غزة، والذي كانت حكومتنا تأمل أن يؤدي إلى إضعاف "حماس"، لكنه تحوّل إلى عقاب جماعي قاس... ثمّ فقدت شركتي الجهات المانحة وبعض جمهورها. استدعاني القنصل الإسرائيلي في بوسطن إلى مكتبه وطلب مني التركيز على إنتاجات أخرى ".
يبدو أن هذا التصريح يتنبأ بما سيحدث بعد سنوات قليلة. لقد استمر الحصار سبعة عشر عاما، وقطاع غزة لم يسقط في البحر حتى الآن. والخوف من الموت لم يمنع "حماس" من اقتحام إسرائيل بـ "طوفان الأقصى" فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. واليوم، مع نزوح ما يقرب من مليوني فلسطيني داخل غزة، هربا من القصف الإسرائيلي، تتفشى الأمراض ويصل سوء التغذية إلى أعلى مستوياته على الإطلاق. في الواقع، لقد اختفت غزة من المشهد المسرحي منذ فترة طويلة. ومع استمرار هذه الحرب، يستمر منع عرض "عوليس في غزة" في كل مكان، من إسرائيل إلى برلين، ومن باريس إلى بوسطن. في نوفمبر/ تشرين الثاني سأل المخرج بن هارون أحد المنتجين في إحدى فرق المسرح الجامعي في بوسطن عما إذا كان يرغب في تقديم قراءة للمسرحية، فأخبره أن رئيس الجامعة منع العروض أو التصريحات عن غزة في المسرح.أما في إسرائيل، فلن يجرؤ أي مسرح على عرض هذه المسرحية اليوم. والسبب أن "عوليس في غزة" هي آخر مسرحية إسرائيلية كبرى تناولت هذا الحصار، وكان ذلك قبل اثني عشر عاما. والمسرح الإسرائيلي، الذي تحضره نسبة مذهلة من السكان تبلغ 40٪، يخضع لسيطرة الدولة: يأتي العديد من الممثلين من القوات العسكرية ويموّل معظم المسارح من القطاع العام. وعندما تنتقد المسارح السياسات الإسرائيلية الرسمية أو تستكشف موضوعات محظورة مثل الاحتلال أو النكبة، قد يخفض تمويلها أو يقيد من قبل وزارة الثقافة.