هل ينجح القطاع المصرفي الإماراتي في مواجهة الأزمة؟

هل ينجح القطاع المصرفي الإماراتي في مواجهة الأزمة؟

[escenic_image id="5513438"]

يتألف القطاع المصرفي في الإمارات من 24 مصرفًا وطنيًا لديها 657 فرعًا، و 28 مصرفًا أجنبيًا لديها 82 فرعًا.

لقد بلغ إجمالي موجودات المصارف المحلية في نهاية شهر أكتوبر/تشرين أول 2009، بحسب تقارير البنك المركزي الإماراتي 1.536 تريليون درهم إماراتي(أي ما يعادل 418.3 مليار دولار) بنمو قدره 8% قياسًا بنفس الفترة من العام 2008.

إن بداية التحدي لهذا القطاع بدأت في منتصف العام 2008، حيث خرجت سيولة أجنبية من البلاد لم يفصح عنها رسميًا، ولكن قدّرها البعض  ما بين 150 – 180 مليار درهم .( أي ما يعادل 40.87 – 49.0 مليار دولار). ولم يعلن البنك المركزي في حينها عن سبب خروج السيولة، ولكن من المؤكد أنها خرجت بوقت قصير نسبيًا، ومن المؤكد أنها كانت سيولة ساخنة مضاربية الطبيعة، دخلت في وقت سابق من نفس العام إما للاستفادة من حركة سوق الأسهم، أو ربما كانت تحاول الاستفادة من شائعات حول إمكانية فك ارتباط ( De-pegging الدرهم بالدولار.

وبصرف النظر عن مدى دقة الدوافع وراء خروج السيولة، إلا أنها خلقت فجوة سيولة واضحة أدت بعد فترة قصيرة من توقف شركتي تمويل كبيرتين هما ( أملاك AMLAK  ) و(تمويل TAMWEEL) ، وتعليق تداول سهميهما في سوق دبي المالي بالإضافة إلى التأثر والتراجع الواضحين في حجم الاقتراض.

لقد بلغت فجوة السيولة في أكتوبر/تشرين أول 2008، في القطاع المصرفي الإماراتي (82.7  مليار درهم)  أي ما يعادل ( 22.5 مليار دولار ) مما جعل نسبة القروض إلى الودائع 109.40% .

ويتضح  من الرسم البياني انخفاض النسبة في أكتوبر/تشرين أول 2009، إلى مستوى 103.8%، أي  تقلص فجوة السيولة لتصل  إلى 37.6 مليار درهم ، (أي ما يعادل  10.2 مليار دولار) وهذا الانخفاض في النسبة جاء أفضل من المعدل المتحرك لفترتين سابقتين. والموضح في  الخط البياني الأحمر. وفي اعتقادي أن أهم قرار حكومي صدر وأدى إلى استقرار السوق هو؛ قرار صادر من رئيس الدولة تضمن فيه الدولة الودائع بالكامل وفي كل المصارف المحلية والأجنبية العاملة في الدولة. إضافة إلى ضخ سيولة عن طريق  وزارة المالية والبنك المركزي بلغت 120 مليار درهم ( 32.7 مليار دولار).

وعلى الرغم من استقرار القطاع المصرفي فإن عمليات الإقراض بقيت محدودة مع تنامي حالات الإخفاق في سداد الديون، حيث ارتفعت مخصصات الديون المعدومة من 6.3 مليار دولار في أكتوبر/تشرين أول 2008، إلى 10.4 مليار دولار في أكتوبر/تشرين أول 2009، حيث إن جزءًا من هذه المخصصات يعود إلى ديون منحتها مصارف إماراتية لمجموعتي سعد القصيبي المتعثرتين، إضافة إلى سفر من فقدوا وظائفهم، حيث إن بعضهم لم يقم بالسداد، فضلًا عن  تساهل المصارف أصلًا في منح الائتمان قبل منتصف العام 2008.

لقد بلغ معدل كفاية رأس المال للمصارف الإماراتية في نهاية الربع الثالث من عام 2009،نحو 18%، وهذا المعدل يعبرعن رصانة القطاع المصرفي الإماراتي بموجب المعيار الدولي.

إن إعلان دبي العالمية (Dubai World )  في بداية شهر ديسمبر/كانون أول، عن إعادة جدولة ديون مستحقة السداد تتعلق بإحدى شركاتها التابعة ( نخيل Nakheel  ) والبالغة 4.1 مليار دولار، واقترحت الشركة إعادة جدولة السداد في الشهر الخامس من العام 2010، بالإضافة إلى بحث الشركة إعادة جدولة 26 مليار دولار مستحقة السداد بتواريخ مختلفة، قد تشكل ضغطًا كبيرًا خصوصًا إذا كانت تلك الالتزامات (صكوكًا) تتركز على المصارف الكبيرة مثل بنك الإمارات دبي الوطني (ENBD) وبنك أبو ظبي التجاري (ADCB )، حيث كان هذان المصرفان ضمن لجنة  الدائنين التي تتفاوض على شروط التأجيل وإعادة الجدولة.

لقد صاحب طلب إعادة جدولة الدفع صخب إعلامي عالمي غربي مبالغ به، وتم وصف طلب إعادة الجدولة بصفات غريبة مثل " إخفاق في السدا د" أو " إفلاس دبي"  ولتفادي تبعات تلك  المبالغات التي استمرت لمدة أسبوعين تقرييًا، فاجأت دبي الجميع وبالتعاون مع حكومة أبوظبي بسداد المبلغ المستحق علمًا بأن الدعم من أبوظبي جاء على شكل سندات بقيمة 10 مليارات دولار، حيث من المتوقع أن يتم سداد مستحقات لصالح دائنين آخرين وهذا الإجراء سوف يسهم في تخفيف الضغط على سيولة المصارف.

إن توقيت السداد في تاريخ الاستحقاق كان رسالة قوية تشير إلى التزام حكومة دبي بالإبقاء على مناخ استثماري صحي في الإمارة، وتعاون حكومة أبوظبي ضمن إطار الدولة الاتحادية هو رسالة ثانية مهمة مفادها؛ أن اقتصاد الإمارات قادرعلى مواجهة الأزمات مع الحفاظ على خطط التنمية الواردة في موازنة الدولة، وهذه الحقيقة أكدها مسئولون من صندوق النقد الدولي.

وفي اعتقادي أن الربع الأول من عام 2010، هو الربع الذي تختبر فيه قوة القطاع المصرفي الإماراتي مرة ثانية، حيث من المتوقع أن يتم تأجيل دفعات مستحقة السداد خلال الفترة إلى تواريخ لاحقة. وفي نفس الوقت على القطاع المصرفي أن يلبي احتياجات قطاع التمويل والائتمان، مع محاولة تخفيض نسبة القروض إلى الودائع إلى ما دون 100%، وهذا بالتأكيد يتطلب زيادة الودائع . كل هذه العوامل تحتاج إلى توازن من قِبِل المصارف، يبحث في الاحتمالات ممكنة الوقوع مع متابعة من قِبِل المصرف المركزي.

font change