مضى أكثر من أربعة أشهر على اندلاع الصراع بين إسرائيل و"حماس"، ولا تزال الخسائر البشرية في تزايد مستمر، وتتضاءل فرصة تحقيق الاستقرار والرخاء الإقليمي على نطاق أوسع. وكانت إدارة بايدن في الأسابيع الأخيرة تركز بشكل أساسي على محاولة تحقيق وقف إطلاق نار طويل الأمد في غزة، مقابل إطلاق سراح المزيد من الرهائن، والعمل على منع تصعيد إقليمي أوسع من خلال الرد على هجمات الحوثيين في اليمن والميليشيات في العراق وسوريا. أما إيران وحلفاؤها الإقليميون، فلا زالوا يشكلون تهديدا استراتيجيا للمنطقة.
تتمحور استراتيجية الرئيس بايدن لمعالجة الصراع في غزة حول فكرة حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني والدفع بمبادرات مثل تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل وتعزيز مبادرة الممر بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، المقترحة في اجتماع مجموعة العشرين في الهند في سبتمبر/أيلول الماضي. الفكرة الأساسية هي أن وقف إطلاق النار المطول الذي يسبق بداية شهر رمضان المبارك في أوائل شهر مارس/آذار قد يخلق فرصة لجهود دبلوماسية أوسع لفتح طريق نحو السلام.
إلا أن هناك عدة تحديات تواجه هذه الخطة. أولا، قد لا يتمكن الطرفان الرئيسان في هذا الصراع، إسرائيل و"حماس"، من التوصل حتى إلى اتفاق قصير الأمد. إذ مر أكثر من شهرين منذ وقف إطلاق النار المؤقت الأخير وإطلاق سراح الرهائن، ولم تسفر المفاوضات المطولة التي توسطت فيها قطر ومصر بمشاركة أميركية عن نتائج بعد. ثانيا، يواجه الانتقال من وقف إطلاق النار المؤقت إلى المبادرات الدبلوماسية الأكثر طموحا عقبات كبيرة بسبب الانقسامات داخل السياسة الإسرائيلية والفلسطينية. ومن ثم هنالك تحديات عالمية أخرى تنهك الولايات المتحدة، منها الصراع في أوكرانيا والانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2024، وهي عوامل ستزيد من الضغط على الرئيس بايدن وفريقه المنهكين بالفعل.
العامل الإيراني
تكمن عقبة رئيسة رابعة أمام فكرة الاستفادة من وقف إطلاق النار طويل الأمد في الصراع بين إسرائيل و"حماس" كنقطة انطلاق لجهود السلام والتطبيع على نطاق أوسع في المنطقة في الدور المحتمل لإيران و"محور المقاومة" واستخدامهما العنف لتقويض أي محاولات للتقدم نحو حل الدولتين. فخلال ظهوره بمنتدى الدوحة في قطر شهر ديسمبر/كانون الأول، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن إيران لا تؤمن بحل الدولتين، مشيرا إلى أن هذا الموقف هو الشيء الوحيد الذي تتفق عليه إيران وإسرائيل. تهدف تصريحات أمير عبد اللهيان هذه إلى تسليط الضوء على الجهود التي تبذلها إسرائيل لتقويض فرص حل الدولتين، كما كشفت عن السياسة التي اتبعتها طهران على مدى عقود، وهي اتخاذ إجراءات تهدد فرص التوصل إلى حل الدولتين يمكن أن يشمل الاعتراف بإسرائيل كدولة حالية وفلسطين كدولة محتملة في المستقبل.