منذ انطلاقته في العراق وتمدده في سوريا، يراقب العالم "داعش" عن كثب، ويسعى لمحاربته والحد من تمدده. لقد استغل التنظيم التوترات الطائفية في العراق ليقوم على أنقاض "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" وفلول نظام حزب "البعث" الذي وجد نفسه خارج اللعبة بعد سقوط النظام عام 2003.
ولإضفاء شرعية "المقاومة للاحتلال"، تم اختيار اسم "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق" في 2006، ليتمدد بعدها في سوريا مستغلا الصراع الذي انقدحت شرارته في 2011، ليتحول الاسم إلى "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" في 2014، ومن هنا جاء اسم "داعش".
إن تمدد التنظيم الميداني على أراضي البلدين صاحبه استدعاء واستغلال للتاريخ الإسلامي، كون سوريا والعراق تضمان حاضرتي الدولتين الأموية والعباسية. ومن أجل استغلال شرعية "الخلافة الإسلامية" فإن التنظيم ينتهج تطبيق تفسير متشدد للشريعة الإسلامية ضد مخالفيه وذلك لإرسال رسالتين: الأولى أنه "لا تأخذه في الله لومة لائم"، والأخرى أن من يحاول مجابهة "الدولة الإسلامية" سينال عقابا مرعبا.
تشكل قوة التنظيم وأجندته التوسعية تهديدا متزايدا لدول العالم الإسلامي وشركائهم الدوليين حيث إن فكرة "الخلافة" العابرة للحدود تجعل من "داعش" تنظيما دوليا يتطلع لإقامة دولة لا تعترف بالقانون الدولي، بل تجمعها "الخلافة" المزعومة، ولذلك تمدد "داعش" لمناطق تبعد آلاف الكيلومترات عن العراق و"الشام". وقد أعلن التنظيم عن إنشاء ثماني ولايات خارج العراق وسوريا، هي: خراسان (أفغانستان وباكستان) والجزائر والقوقاز ومصر وليبيا وجزيرة العرب (المملكة العربية السعودية) واليمن، والساحل الأفريقي.
إن الخطر الدولي لتنظيم "داعش" اليوم يتركز بشكل أساسي في منطقتين: أولاهما: إقليم خراسان/أفغانستان التي ينشط فيها التنظيم متحديا سلطة "طالبان" ومزايدا عليها في التشدد، وهذا ما ينقله الإعلام لنا بشكل يومي. غير أن القسم الأكثر خطورة هو فرع التنظيم في الساحل الأفريقي.
إن تمدد "ولاية غرب أفريقيا" أمر شبه مغيب عن الإعلام العربي، رغم أن تقارير مجلس الأمن الدولي تشير إلى أن الهجمات الإرهابية التي نفذها تنظيم "داعش- ولاية غرب أفريقيا" فاقت في وحشيتها تلك الهجمات التي نفذتها حركة "بوكو حرام" التي كانت تصنف بأنها المنظمة الأكثر تطرفا في القارة الأفريقية. والجدير بالذكر أن عدة تنظيمات متطرفة في أفريقيا قد قامت بمبايعة "داعش"، وعلى رأسها "بوكو حرام" نفسها التي بايعته عام 2015 لتصبح جزءا منه إضافة لعناصر منشقة من تنظيمات أخرى مثل تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وقد تأخر اعتراف "داعش" بـ"الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" كمقاطعة رسمية حتى مارس/آذار 2022.
وفي المقابل، فإن صعود "داعش" في أفريقيا أدى إلى تدخل دول الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا إضافة إلى روسيا وشركة "فاغنر" المشهورة بتجنيد المرتزقة للقتال في المنطقة.