في الرابع عشر من شهر فبراير/شباط 1945، عُقد اجتماع تاريخي على متن مدمرة أميركية في البحيرات المرة بقناة السويس، جمع بين الملك عبد العزيز آل سعود، والرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت. كان الأول من نوعه بين عاهل سعودي ورئيس أميركي، أسس لتحالف متين عاش أطول منهما بكثير، وهو اليوم يعود إلى الأذهان مع تنامي الكلام عن قرب التوصل إلى اتفاق دفاع مشترك بين البلدين، بعد توقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
الملك عبد العزيز لم يكن قد غادر أرض الحجاز في حياته ولم يكن قد ركب البحر من قبل، وكان روزفلت يُعاني من تراجع حاد في صحته نتيجة شلل أصابه وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، أقعده ولكنه لم يتمكن من النيل من عزيمته وإضعافها. نظرا لضرورات الحرب العالمية الثانية المشتعلة من سنة 1939، انتُخب رئيسا للولايات المتحدة أربع دورات متتالية، وكانت ولايته الرابعة والأخيرة قد انطلقت في مطلع عام 1945. وعلى الرغم من الاعتلال في صحته، أصر روزفلت على عقد الاجتماع على الرغم من خطورة لقاء الملك السعودي في مرمى نيران الطائرات الألمانية الموجودة بكثافة في الأجواء المصرية.
كان النفط حديث العهد في السعودية ولم يكن كافيا لتأمين مستلزمات المملكة، اكتُشف قبل سنتين من دخول روزفلت البيت الأبيض، يوم أبرمت المملكة عقدا استراتيجيا مع شركة "ستاندارد أويل أوف كاليفورنيا"، وقع في قصر خزام التاريخي بمدينة جده، وبدأت عمليات الاستخراج سنة 1938. حاولت دول المحور مرارا ضرب مصالح النفط الأميركية في المنطقة العربية وخشي روزفلت أن يكون حلفاؤه الإنكليز يريدون السيطرة على نفط السعودية، كما فعلوا من قبل في نفط العراق وإيران والكويت. أكد له الملك عبد العزيز أن شيئا من ذلك لن يحدث طالما هو على قيد الحياة، وقال إن بلاده هي الوحيدة بين الدول العربية التي كانت تتمتع باستقلال كامل، وأنه ينوي الحفاظ على استقلالها.
قبل الاجتماع بقرابة السنتين أرسل الملك عبد العزيز اثنين من أبنائه للقاء روزفلت في واشنطن، الأمير فيصل والأمير خالد (كلاهما أصبح ملكا في المستقبل)، وعندما سمع أن الرئيس الأميركي كان يهوى جمع الطوابع، أهداه مجموعة طوابع سعودية نادرة.
في الطريق إلى قناة السويس
كانت السفينة الأميركية التي جاءت بالملك من جدة "USS Murphy" محملة بطعام يكفي ركابها 60 يوما، لكن الملك عبد العزيز رفض تناوله لكونه مثلجا، وجلب معه خرافا لذبحها على الطريقة الإسلامية الحلال، لتؤكل فورا. أقام خيمة عربية على متن السفينة، وكان يؤم المصلين بنفسه في أوقات الصلاة الخمس، كما جاء في شهادة باري مكارثي، أحد العاملين الأميركيين على متن السفينة في مقال عن الرحلة نُشر في مجلة "LIFE" الأميركية يوم 19 مارس/آذار 1945.