خسائر تجميد الاتحاد
وقفُ العمل بالاتحاد المغاربي كانت له مضاعفات اقتصادية واجتماعية، قبل أن تكون سياسية. فقد ضيعت المنطقة على نفسها فرصة الاندماج والتكامل الاقتصادي كقوة إقليمية في جنوب البحر الأبيض المتوسط، زمن عولمة الاقتصاد، ومواقع التصنيع وسلاسل قيم الإمداد، ولم يشفع لها موقعها الجغرافي أمام الخلافات السياسية. وتقدر الخسائر بنحو 3 في المئة سنويا من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل عشرات مليارات الدولارات من التدفقات الاستثمارية، لو كان هناك سوق مشتركة ووحدة جمركية.
تباينت معدلات النمو وحجم التنمية بين الدول الخمس خلال الثلاثين سنة الأخيرة، وكان المغرب الأكثر حضورا، مستفيدا من الاستقرار السياسي، وكان حاسما في تسريع التنمية على الرغم من عدم توفر النفط والغاز. في المقابل ساهمت الحروب الأهلية والنزاعات المسلحة وعدم الاستقرار السياسي في تعطيل وتيرة التنمية الاقتصادية في الجزائر وليبيا على الرغم من كونهما دولتين نفطيتين.
ويتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي في الجزائر إلى 262 مليار دولار في أفق 2028، على أن يبلغ في المغرب نحو 200 مليار دولار، ونحو 61 مليار دولار في تونس، و49 مليار دولار في ليبيا، و13 مليار دولار في موريتانيا بحسب موقع "ستاتيستا".
ووفق هذه التقديرات، سيرتفع الناتج المحلي في دول المغرب العربي إلى 585 مليار دولار، بدخل فردي يقدر بنحو 5,400 دولار خلال السنوات الأربع المقبلة. إلا أن الناتج المغاربي كان سيبلغ تريليون دولار، لو واصل مشروع الاتحاد المغاربي طريقه نحو التكامل والاندماج الاقتصادي دون تعثر.
تاريخ مشترك وجغرافيا متحركة
أكبر خلاف في المنطقة هو معارضة الجزائر لمغربية الصحراء الغربية وتسليح جبهة "بوليساريو" الانفصالية التي تجعل منها قضيتها الأولى، حتى على حساب الإنفاق على التنمية وتفكيك كامل المنطقة. ويعتقد الباحث الجزائري صاغور هشام من جامعة غليزان "أن الجمود هو سيناريو المرحلة على المدى القصير، لأن الجزائر لم تستجب لمقترح الحكم الذاتي لأقاليم جنوب المغرب، واعتباره حلا وسطا لإنهاء نزاع لا تستفيد منه المنطقة بل ينهكها". ويرى أن المشكل أبعد من ذلك. فالجزائر تتمسك بمبدأ قداسة الحدود الموروثة عن الاستعمار، بينما تستند المملكة المغربية إلى حقها التاريخي في استعادة أراضيها المغتصبة. وتتوجس الجزائر من مطالب مغربية لاحقة في الصحراء الشرقية في تندوف وبشار، وهي أقاليم مغربية كانت، حتى منتصف القرن العشرين، تابعة لسلطة الدولة المغربية.