ينبع الجمود المزمن في ليبيا من ثلاثة عوامل مترابطة: الأول، القيادة السياسية تفضل الحصول على مكاسب السلطة بدلا من تلبية احتياجات الشعب. الثاني، نظام مالي يحافظ على تدفق الأموال من خلال عائدات النفط، ويدعم شبكة توزيع سرية تعمل لصالح الجهات الفاعلة السياسية والمسلحة. الثالث، شبكة من الجماعات المسلحة "الهجينة" أو شبه الرسمية تمولها الدولة في الغالب وتتمتع بامتيازات الدولة وسيطرة مافياوية على الأراضي والموارد والتهريب.
وقد سعت الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية إلى كسر هذه الحلقة من خلال إجراء انتخابات وطنية قبل عامين، لكن تأجيل التصويت في نهاية المطاف كشف عن مدى ترسخ هذا النظام المناهض للديمقراطية.
للأسف، لم تستطع ليبيا تحقيق تطلعاتها التي تصورتها خلال الأعوام الأولى بعد رحيل القذافي.
وتسعى الأمم المتحدة والشركاء الغربيون مرة أخرى إلى إعادة إطلاق العملية الانتخابية. كما أكد قرار مجلس الأمن رقم 2702 الصادر في أكتوبر/تشرين الأول دعمه لعبد الله باثيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لـ"تعزيز عملية سياسية شاملة تتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، تعتمد على (الاتفاقات السابقة)، وتستند إلى التعديلات الأخيرة للقوانين الانتخابية". إلا أن أغلب التركيز السياسي على إجراء الانتخابات كان منصبا على التوصل إلى توافق في الآراء بين الجهات السياسية الفاعلة التي كانت متوافقة بنسبة 95 في المئة لمدة عامين، لكنها فشلت في التوافق على الـ5 في المئة المتبقية.
ولكن حتى في حالة تحقيق تقدم في الإطار القانوني لإجراء الانتخابات، يمكن للجماعات المسلحة نقضه في النهاية إن هي اختارت التدخل في أي مرحلة من مراحل عملية التصويت، بدءا من التدخل لحماية مواقع الاقتراع إلى حماية إجراءات فرز الأصوات وضمان سلامة الفائزين والخاسرين. لا يمكن التقدم بعملية إصلاح قطاع الأمن من دون وجود حكومة جديدة، إلا أن الحكومة الجديدة تتطلب إصلاح قطاع الأمن، أو البدء به على الأقل.
في الماضي، كانت الجهات السياسية والأمنية الليبية عازفة عن المشاركة في إصلاح القطاع الأمني. علاوة على ذلك، أدت حربان أهليتان مدعومتان من جهات خارجية إلى تقويض احتمالات توحيد المؤسسات الأمنية بشكل كبير. وسوف يحتاج باثيلي إلى دعم القوى الغربية والإقليمية لضمان سماح الجهات المسلحة بإجراء انتخابات حرة.