تعيش المنطقة على وقع المراوحة بين احتمالات التصعيد، وتحديدا في رفح وعلى الحدود بين لبنان وإسرائيل، وبين توقعات التوصل إلى هدنة "طويلة" بين "حماس" وإسرائيل. لكن ومع دخول الحرب شهرها الرابع بات جليا أن إحدى السمات الرئيسة التي تتسم بها هي أنه لا يمكن التعامل مع أي تطور مؤقت في سياقها بمعزل عن نتائجها على المديين المتوسط والبعيد.
وهذا ما أشار إليه باكرا جدا الربط الأميركي بين مسارين متوازنين، هما دعم إسرائيل في حربها على "حماس"، والإصرار على تل أبيب للبحث في "اليوم التالي" للحرب. بمعنى أن مقاربة واشنطن للحرب وإن كانت تنطلق من ضرورة تحقيق إسرائيل إنجازات عسكرية وأمنية بينة فإنها تتطلع أيضا إلى تثمير هذه الإنجازات، حال تحقيقها، في إطار استراتيجيتها للمنطقة.
هذه المعادلة الأميركية المركبة كانت ولا تزال أساسية في قراءة المجريات العسكرية والسياسية للحرب لناحية ما يمكن لواشنطن القبول به أو عدم القبول به في لائحة الأولويات والسياسات الإسرائيلية، وإن كانت تريد انتصارا إسرائيليا في الحرب. أي إنها لا تختلف مع تل أبيب على الأهداف التي وضعتها الأخيرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفي مقدمتها القضاء على "حماس"، لكن تحقيق هذا الأمر ليس الهدف الأميركي النهائي من الحرب إذا كانت ستترتب عليه أضرار على استراتيجية واشنطن في المنطقة.
وفي المقابل فإنه وبمثل ما يفترض قراءة الرؤية الأميركية للحرب وما بعدها، يفترض قراءة سلوك خصوم واشنطن فيها وبالتحديد إيران على قاعدة أنها تتصرف في هذه الحرب بناء على مراعاة الخطوط الحمراء الأميركية لكي لا تدخل في صدام مباشر معها يهدد على نحو جدي مستقبل نظامها.