تسارعت مؤشرات التصعيد على الحدود اللبنانية بين "حزب الله" وإسرائيل وسط مخاوف لبنانية وغربية من توسع رقعة المواجهات بعد سلسلة هجمات لمسيرات إسرائيلية نحو العمق اللبناني. هذه الهجمات التي بدأت في الثامن من الشهر الجاري مع محاولة اغتيال مسؤول عسكري في "حزب الله" بمدينة النبطية الواقعة على بعد 40 كيلومترا من الحدود واستتبعت في اليوم التالي بمهاجمة موقع عسكري لوحدة الدفاع الجوي للحزب بين بلدتي أرنون ويحمر، وبعدها باستهداف طائرة درونز لسيارة تقل قياديا في حركة "حماس" في قرية جدرا على مسافة 60 كيلومترا من الحدود.
وتؤكد هذه الهجمات سقوط ما اصطلح خطأ على تسميته لسنوات بقواعد الاشتباك بين "حزب الله" وإسرائيل ـــ وهذه استعارة لمصطلح عسكري يتم اعتماده بين وحدات عسكرية صديقة. وقد استخدم سابقا لتغطية مناوشات عابرة للحدود استفاد منها الطرفان لا سيما في مزارع شبعا المتنازع عليها بين لبنان وسوريا والتي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967.
هذا وكان لافتا استهداف "حزب الله" ثكنة "كيلع" في الجولان السورية المحتلة بقصف صاروخي للمرة الأولى منذ اندلاع المواجهات في غزة.
يتزامن هذا التصعيد مع السلبية التي أبدتها حكومة بنيامين نتنياهو حيال الردود التي سلمتها "حماس" على "مقترح اجتماع باريس" والتي وصفتها كل من قطر ومصر بالإيجابية. لقد بدا أن ردود قطر التي قاربت كل عناصر الأزمة من تبادل الأسرى بين الطرفين، وإنهاء الحصار على غزة، وعودة السكان والنازحين إلى بيوتهم، وتوفير متطلبات الإيواء والإغاثة وإعادة الإعمار، قد أحرجت رئيس الحكومة الإسرائيلية المقيد بمواقف حلفائه من التيار الديني القومي والصهيونية الدينية بزعامة الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. هذه المواقف الرافضة لوقف إطلاق النار والمتمسكة بدور إسرائيلي في ما سمي "اليوم التالي للحرب" ومستقبل السلطة في غزة والحسم على الجبهة الشمالية وعودة المستوطنين من الشمال والجنوب إلى منازلهم، دفعت نتنياهو إلى تكرار مواقفه السابقة بضرورة تدمير "حماس" قبل أي تفاوض، رغم الاستحالات الميدانية التي يدركها.
فما هي الأولويات الإسرائيلية في ظل عدم القدرة على خوض حرب على الجبهتين الشمالية والجنوبية في آنٍ واحد؟ وهل يؤدي التراجع الإسرائيلي عن دخول رفح واستئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق لوقف النار في غزة إلى إطلاق شرارة الحرب على الجبهة الشمالية؟