وعلى مدار سنوات طويلة عمل الناشط يهودا شاؤول مديرا عاما لمنظمة "شوفريم شتيكا" التي ترادفها باللغة العربية "كاسرو الصمت" وهي منظمة أسسها جنود وضباط سابقون في الجيش الإسرائيلي وتعمل على تعزيز الوعي بممارسات الجيش والمستوطنين في الضفة الغربية. وخلال سنوات متراكمة من العمل كان مطلعا على نشاط المجموعات الاستيطانية المتشددة. ويقول في حديث لـ"المجلة": "إن مسألة نشاط المستوطنين المتشددين واعتداءاتهم على الفلسطينيين أو أحيانا على مواقع داخل الخط الأخضر معقدة. وعلى المستوى البنيوي هناك حالات يصعب فيها الفصل والتمييز بين المستوطن المواطن الإسرائيلي والمستوطن الجندي، إلى جانب أن علاقة المستوطنين أنفسهم بالجيش من ناحية الحياة اليومية تجعل من الصعوبة بمكان فرض سيطرة الجيش وسيادته عليهم. ففي أحيان كثيرة تنشأ علاقات صداقة بين الجنود في منطقة معينة والمستوطنين في المنطقة نفسها، ما يؤدي إلى عدم تطبيق القانون حيال المستوطنين في حال خالفوه، إلى جانب أن الجنود الذين يكلفهم الجيش بحراسة المستوطنات يتلقون أوامر وتعليمات في هذه الحالة من المستوطن المعين المسؤول مركزيا عن أمن المستوطنة".
وما زاد الطين بلة بعد اندلاع الحرب وأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول هو تجنيد المستوطنين لحماية المستوطنات ضمن وحدات الحماية الموسعة التي تشمل أيضا مجموعات مسلحة، فبات المستوطن مسلحا من قبل الجيش، لذا يصعب القول إن المستوطنين المتشددين والمعتدين على الفلسطينيين أو الذين يخالفون سياسة الدولة العامة هم "لاعبون خارج إطار الدولة".
يحاول يهودا شاؤول التمييز بين المجموعات الصهيونية المتدينة التي تميل إلى التشدد من خلال الفكر والأيديولوجيا، فيقسمها إلى ثلاثة أقسام قد تكون "فتية التلال" جزءا منها:
مجموعات تتجاوز فكرة "أرض إسرائيل الكاملة" وتؤمن بإنشاء "مملكة يهودا" (دولة يهودية تعتمد على أحكام التوراة) وتسعى لخلق شرخ بين اليهودية والديمقراطية قد يسرع التحول إلى "مملكة يهودا"، وضمن ذلك التوجه يقول شاؤول جاءت المجموعة التي قتلت عائلة الدوابشة في قرية دوما بالضفة الغربية عام 2015 (خلال المحاكمة اعتبرت مجموعة داخل "فتية التلال" تنظيما إرهابيا)، وكذلك مجموعات نفذت عمليات ما يعرف بـ"تدفيع الثمن" التي تشمل خط شعارات عنصرية وإعطاب مركبات أو إحراق ممتلكات داخل الخط الأخضر بما في ذلك إحراق كنيسة في منطقة الطابغة بالقرب من طبريا.
مجموعات من المستوطنين الذين تسربوا من الأطر الرسمية والمعاهد الدينية ويثيرون الشغب وبشكل عام يحسبون على المتدينين.
مستوطنون كلاسيكيون يسعون للاستيطان والاستيلاء على الأراضي في كل المناطق لكنهم لا يميلون إلى المواجهة مع الدولة أو إسقاطها مثل أصحاب المزارع الاستيطانية.
ويوضح شاؤول أن أحد الأسباب التي تقف وراء انتشار التيارات العنيفة من المستوطنين خلال الأعوام الأخيرة بالضفة الغربية هو المسألة الجغرافية، فقد قررت تلك المجموعات أن الصراع سيكون على كل المساحة الجغرافية فنشأ جيل جديد من المتشددين الذين شرعوا في توسيع مساحة الاستيطان بطرق شتى في عمق الأراضي الفلسطينية.