لندن: أن ترى الحفيدات ما فعلته الجدات من أجل تحررهن، ذلك درس تاريخي بليغ وعميق الأثر. ولكن هل هذه مهمة متحف عريق مثل "تايت" البريطاني المتخصص بعرض منجزات الرسامين والنحاتين البريطانيين عبر العصور، وفيه أكبر مجموعة من لوحات الرسام ويليام تيرنر كما يضم أعمالا مهمة لفرنسيس بيكون؟
ذلك السؤال كان هاجسي وأنا اجتاز عتبة ذلك المتحف العريق. غير أن منسّقي معرض "النساء في ثورة" عرفوا كيف يمحون ذكرى ذلك السؤال في القاعة الأولى من المعرض حين عرضوا أعمالا فنية، كانت أساسية في التعبير عن ذلك التحول في الفكر النسوي الذي حدث في سبعينات القرن الماضي. كانت هناك حاجة نسوية إلى التغيير تقوم أصلا على مراجعة القوانين والمفاهيم السائدة في مختلف المجالات، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتي كانت تنظر إلى المرأة باعتبارها مواطنة من الدرجة الثانية.
ذلك صحيح. غير أن الصحيح أيضا أن النساء اكتشفن أن الطابع الذكوري للفن قد خان قضيتهن ولم يعد في الإمكان إلا القيام بثورة من داخله لإعادته إلى سويته الإنسانية. ولم يكن ذلك ممكنا من غير أعمال فنية، اكتسب الكثير منها طابعا ما بعد حداثيّ. وهو الطابع الذي لم يكن مألوفا يومذاك إلا لبعض المتخصصين في المختبر الفني التاريخي. لذلك شاء منسّقو المعرض أن يكون أشبه بتظاهرة، عنوانها الفن ولكن الحرية هي جوهرها. ولأن الحرية التي طالبت بها المتظاهرات في السنوات الأولى من سبعينات القرن الماضي صارت جزءا من الماضي، فإن المعرض في جزء من محتوياته يركز على ما لا يُمحى من المعنى الفني.